وجهت نقابة مالكي الابنية المؤجرة رسالة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود طالبته فيها بتفعيل لجان الإيجارات. وجاء في نص الرسالة:
“بتاريخ 2014/5/9 صدر قانون جديد للإيجارات، وبتاريخ 2017/2/28 صدر قانون عدل بموجبه مجلس النواب بعض أحكام هذا القانون، وانتظرنا حتى تاريخ 2019/4/15 لصدور أول مرسوم تطبيقي للقانون ويتعلق بتحديد تعويضات أعضاء لجان الإيجارات، ثم المرسوم الثاني بتشكيلها، إلى أن صدر قرار وزير العدل البرت سرحان بإلحاق مساعدين قضائيين بهذه اللجان. ومنذ ذلك الحين ونحن بانتظار قرار مجلس القضاء الأعلى برئاستكم لتفعيل عملها، ولكن من دون نتيجة.
عندما قمنا بزيارتكم في مكتبكم، وبناء على الحديث الذي سمعناه منكم حضرة الرئيس لمسنا لديكم النية باعتماد نهج جديد في القضاء، فاستبشرنا خيرا بأن الحكم بالعدل آت، وأن المساواة بين المواطنين مبدأ في رؤيتكم إلى الأمور والإشكاليات. شرحنا لكم معاناتنا كمالكين، وأكدنا لكم أن مطلبنا الأول والأخير إحقاق الحق وتطبيق القانون. ولم نطلب سوى ذلك كما تعلمون. من جهتكم، أكدتم لنا أن القضاء ملزم بتطبيق القوانين لإحقاق الحق بين الناس وكان توافق بيننا على هذا الأساس ووعد من قبلكم بتفعيل عمل اللجان.
مرت أشهر ولم يصدر أي قرار بهذا الخصوص. بعض المستأجرين من أصحاب الضمير لا يزالون ملتزمين بتطبيق قانون الإيجارات الجديد، لكن بعضهم الآخر يستغل هذه الثغرة لتمديد إقامته بالمجان في القسم السكني، مع أنه من غير المستفيدين من الحساب. لكن من يحدد هذا الأمر؟ بعض المحاكم تحدد وبعضها الآخر ترفض بحجة انتظار اللجان لأن هذه الناحية من صلاحياتها. إزاء هذا الواقع أصبح المالك القديم بين فكي كماشة، من جهة هناك مستأجر ميسور وغني يستغل الأمر، ومن جهة هناك قضاء لا يقوم بدوره بتفعيل اللجان. والمالك يكفر بالوطن والدولة والحق.
40 سنة ونحن ننتظر حضرة الرئيس. 40 سنة والمباني تستهلك من قبل المستأجرين بحجة قانون ظالم. كانت الأوضاع مستقرة بشكل عام في السنوات الثلاثين الماضية ومع ذلك مارست الدولة ال rent control على أملاكنا بنسبة 98 %. واليوم المباني أصبحت قديمة وبعضها مهدد بالانهيار. ومع ذلك استبشرنا خيرا بالقانون الجديد الذي صدر بعدما وقف المالكون مرات ومرات على أبواب المسؤولين يطالبون بحقهم. واليوم إيجاراتنا لا تساوي ثمن سلعة بسيطة في دكان ومع ذلك نريد هذه الإيجارات لأنها حقنا الوحيد مقابل السكن في رزقنا.
لذلك جئنا نسألكم في هذا الكتاب وأمام الملأ، مع تأكيدنا على حكمتكم وصدقكم ونزاهتكم وتواضعكم، ماذا تريدون من المالكين لتفعيل لجان الإيجارات؟ أن يقفوا على بابكم كما وقفوا على باب المسؤولين؟ ماذا تريدون من ذلك المسن الذي خسر جنى عمره في المبنى المتهالك؟ أن نضع له كرسيا على باب مكتبكم ليتسول من قضاء دولته حقه بتفعيل لجان الإيجارات كي يتقاضى بدلات الإيجار؟ ماذا تريدون من الجيل الجديد، من ورثة المالكين القدامى من جيل الشباب؟ من عائلاتهم؟ أن يطأطئوا رؤوسهم تحت عدالة قوسكم مستجدين حقهم؟ أن يمدوا اليد لقضاء مجلسكم توسلا لحقوق أهلهم؟ أو تريدون لنا أن نغادر في أول طائرة تقلع من مطار بيروت بعد انتهاء التعبئة العامة؟ للأسف هذا هو شعورنا ننقله إليكم بكل أمانة. نريد أن نرحل. لم يعد لنا ثقة لا بالدولة ولا بمجلس النواب ولا بالحكومة ولا بالقضاء. لا مجلس النواب بحث في تعويض لنا عن خسائرنا المتراكمة، ولا الحكومة، ولا أنتم في القضاء تطبقون القانون كي نستعيد في الحد الأدنى بعضا من ثقة فقدناها في الدولة.
حضرة الرئيس، المواطن لا يأبه بالتشكيلات القضائية بعد اليوم. ماذا تفيد هذه التشكيلات طالما أن القضاء لا يطبق القانون؟! المواطن يريد أن يعيش. يريد حقوقه. يريدها الآن. ماذا تفيده عندما يحين موعد الأجل؟! ماذا تفيد أبناءه وهم في الغربة. نرجو أن تقرأوا الرسالة بعين الأب الذي يقرأ رسالة من ولده. وأن تفكروا في مستقبل أبنائكم في وطن لا يحترم قوانينه ولا حقوق مواطنيه. ونحن جاهزون للوقوف على بابكم إن كان هذا الأمر يرضيكم كما أرضى غيركم من النواب والوزراء لإعطائنا بعضا من حقوقنا. دعونا نشعر أن في قلب مسؤول بعضا من رحمة نطلبها منكم.
أخيرا، عندما يعجز المواطن عن طلب العدالة، فإنه يطلب الرحمة. ونحن الآن نطلب الرحمة. ولا شيء سوى ذلك”.