خايمي غارسيا أمارال سفير المكسيك في لبنان

 خايمي غارسيا أمارال سفير المكسيك في لبنان:” المغترب اللبناني برهن عن كفاءته في كافة المجالات”

تقع المكسيك في جنوب أميركا الشمالية، تحدّها الولايات المتحدة الأميركية شمالاً وغواتيمالا وبليز جنوبًا، وهي على علاقة وثيقة مع منطقة البحر الكاريبي، التي تحدّها من الجنوب الشرقي. يبلغ عدد سكانها 112 مليون نسمة (وفقًا للإحصاء الرسمي الأخير للسكان عام 2010)، ويتميز هرمها السكاني بارتفاع نسبة الشباب الذين يبلغون دون الأربعين عامًا من العمر.  والجدير ذكره أن المكسيك تشتهر بكونها مهداً لثقافات أميركية عظيمة، فبالإضافة إلى حضارة الإنكا في جنوب القارة، لقد حضنت أرضها حضارات متعددة يعود تاريخ البعض منها الى أكثر من 5000سنة.

تتميز المكسيك أيضاً  بمطبخها الغني، الذي صنفته منظمة الأونيسكو في خانة التراث الثقافي غير المادي، وبفولكلورها. وهي جمهورية فيدرالية مؤلفة من 31 ولاية، بالإضافة إلى المقاطعة الفدرالية التي تقع فيها مدينة مكسيكو، عاصمة الجمهورية، والتي تعتبر المركز الثقافي والإقتصادي والصناعي الأكثر أهمية في المكسيك. كما أنها المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، إذ يتخطى عدد سكانها العشرين مليون نسمة، ما يجعلها إحدى أكبر المدن في العالم.

وبما أن المكسيك يتكاثر فيها المهاجرون اللبنانيون وتجمعها بلبنان روابط تاريخية وإجتماعية وثقافية حرصنا على أن تكون محطتنا هذه المرة سفيرها في لبنان، خايمي غارسيا أمارال .

 حوار:ليندا زين الدن

سعادة السفير كيف تعرّف بنفسك؟

لقد قمت بدراسات عليا في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (Universidad nacional autonoma de mexico )، في كلية العلوم السياسية وبدراسات في معهد التنمية الإقتصادية والإجتماعية (IEDES) في فرنسا، بالإضافة إلى دراسات عليا في العلوم الإجتماعية في مجال علم الإجتماع الحضري. ثم دخلت في مجال الخدمة الخارجية المكسيكية عام 1976 وكانت باريس وجهتي الأولى، وتمّ تكليفي حتى الآن بثمانية مهمات في الخارج ولقد كنت في المهمتين الأخيرتين سفيراً للمسكيك في تركيا، وهي سفارة بشكل غير مقيم في جورجيا، أذربيجان، كازخستان، وتركمنستان، وفي لبنان منذ شهر تموز الماضي. أما في وزارة الخارجية، فكنت مسؤولاً عن مهمات أخرى، في المديرية العامة لأوروبا وعن المديرية العامة للشؤون الثقافية والتربوية . وكنت أيضاً مسؤولاً لمدة 4 سنوات عن القسم الدولي في وزارة الثقافة في المكسيك.

هل من تبادل ثقافي أو تجاري بين لبنان والمكسيك؟

نعم، من بين أمور أخرى، فالمكسيك منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تستضيف عددًا كبيرًا من المهاجرين اللبنانيين، ما أدّى إلى توطيد العلاقات بين البلدين في المجال الثقافي. أمّا على الصعيد التجاري، فتحبط المسافات التدفق التجاري، إلاّ أنّ كلّ من البلدين عازم على تعزيز العلاقات التجارية.

كيف تصف العلاقة الدبلوماسية بين البلدين؟

إنّ العلاقة الدبلوماسية بين البلدين ممتازة، وتتلاقى وجهات نظرهما في المواضيع المهمّة التي تشغل المجتمع الدولي. كما أنّ العلاقة بينهما ممتازة أيضًا على نطاق المؤسسات المتعددة الجنسيات التي يعمل فيها لبنان والمكسيك سويًّا. أما الوضع الغير مستقر الذي يسيطر على المنطقة فيشكل مصدر قلق للمسكسيك. في هذا السياق إن علاقتنا مع لبنان لأمر في غاية الأهمية. ونحن نشعر بالقلق إزاء الصعوبات والتحديات التي يواجهها لبنان  في ما يتعلق بمشكلة الهجرة السورية وانعكاساتها المحلية، وما زالت المكسيك تتعاون مع لبنان في هذا المجال.

هل من تعاون قريب لتنشيط الحركة السياحية بين المكسيك ولبنان؟

هناك اتفاق للتعاون في مجال السياحة، الذي يحرص كلّ من لبنان والمكسيك على تنشيطه، بهدف جذب تدفق جديد من السياح اللبنانيين إلى المكسيك والعكس صحيح. فالسياحة تساهم بشكلٍ رئيسي في تقديم فرص للعمل وهي ثالث أكبر مصدر للدخل بعد النفط وأموال المغتربين المكسيكيين. ولقد استقبلت المكسيك في العام المنصرم أكثر من 23 مليون زائر أجنبي، ما يجعلها من أكثر الوجهات السياحية المقصودة في العالم.

ماذا عن الإغتراب اللبناني في المكسيك، لا سيما أنّ عددًا كبيرًا منهم برزت أسماؤهم في ميادين مختلفة؟

في ما يتعلّق بالإغتراب اللبناني، لقد سبق وذكرتُ أنّه يؤدّي دورًا جوهريًّا في العلاقة الثنائية في عدّة محاور، وعلى رأسهم المحور الثقافي. فنحن نتحدّث عن سكان متحدرين من أصل لبناني قد اندمجوا كليًّا في المجتمع المكسيكي في كافة المجالات، بدءًا من المجالات السياسية والثقافية والأكاديمية، وصولاً إلى مجال الأعمال التجارية، الذي تميّز به المغتربون اللبنانيون والذي برهنوا من خلاله عن كفاءتهم وبراعتهم.

إلى أي مدى يساهم المغترب اللبناني في تعزيز الدخل القومي المكسيكي؟

لا نملك أرقامًا رسمية في هذا المجال، إلاّ أنّني أكرّر أنّ الجالية اللبنانية قد اندمجت كليًّا في المجتمع المكسيكي وأنّها تساهم في اقتصاده. ولكنّ عدد االمغتربين اللبنانيين الذين يساهمون بشكل أساسي في الناتج المحلي الإجمالي المكسيكي يُقدّر بحوالي المليون شخص، وهم يقومون بذلك من خلال نشاطات في مجالات متعددة.

كيف تقيّم وضع المكسيك الحالي على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والعلمي…؟

على الصعيد الإقتصادي، يصل الناتج المحلي الإجمالي للمكسيك إلى 1.2 مليار دولار أميركي، ما يجعلها تحتل المرتبة الثانية في أميركا اللاتينية، الرابعة بالنسبة للقارة الأميركية، والرابعة عشر على مستوى العالم، وهي تمتلك أكبر الأسواق المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، سجلت المكسيك في الآونة الأخيرة معدل تضخم (أقل من 4%)، وانخفاض في مستويات الديون (31% من الناتج المحلي الإجمالي)، وانخفاض في أسعار الفائدة ( 3,17 % لسندات الدولة لمدة 28 يوماً). وهي تتمتع بنظام مالي رأسمالي وبخدمات مصرفية مميزة، تهدف إلى زيادة القروض وتخفيض معدل البطالة فيصبح الأكثر انخفاضاً بين بلدان أعضاء منظمة التعاون والتنمية.

كما أن المكسيك دولة ملتزمة بمبدأ التجارة الحرة، ويعتبر اقتصادها من بين الإقتصاد الأكثر انفتاحاً في مجموعة العشرين. وقد وقعت 10 اتفاقات للتجارة الحرة مع 45 دولة، مثل أميركا الشمالية والإتحاد الأوروبي واليابان.

وعلى المستوى العلمي، يتخرج من جامعات المكسيك كل سنة أكثر من 110 آلاف مهندس، وبذلك تتفوق على بلدان أخرى منافسة في هذا المجال كألمانيا والبرازيل.

أما معدل إنتاج المكسيك للمواد المصنعة، فيفوق بقية بلدان أميركا اللاتينية مجتمعة، وصادراتها تفوق كل صادرات الإقليم.

وبينما تستمر التفاوتات الكبيرة على الصعيد الإقتصادي، تعمل السياسة الحكومية على الحدٌ من هذه الفجوة وتحرص على ترجمة أدائها الجيد على مستوى الإقتصاد الكلي إلى ظروف معيشية أفضل لجميع المكسيكيين. لذلك هناك برامج إجتماعية مختلفة، بالإضافة إلى إرادة في تحسين قطاع التعليم، الذي يشكل عاملاً رئيسياً في تحقيق هذا التحسين  على المستوى الإجتماعي – الإقتصادي. ورغم كل شيء، ما زال معدل البطالة في المكسيك منخفض نسبياً، إذ يبلغ أقل من 5%، ما يظهر دينامية المكسيك التي تتمتع بها المكسيك.