قد تكون الجرأة المرهَّفة بابتسامته الذكية المعهودة ، جواز سفره للعبور إلى عقل المشاهد وحواسه، وقد تكون التلقائية الطاغية على أدائه هي التي منحته مكانة رفيعة وضعته في خانة الأرقام الصعبة، ولكن عل أكيد هو صوت الذين لا صوت لهم في ” عل أكيد “.
هو شخصية تارة تستفزُّ المشاهد وطوراً تثير فضوله .
إعلامي متميّز في مهنته، مندفع لا يرضيه أي نجاح أو بريق . تراه في بحث دائم وتنقيب مستمر عن التميّز لطبع بصمة ريادية جديدة على منابر جديرة حيث الصدى أقوى.
مخزونه الثقافي أوصله إلى مواقع متقدمة إلا أن نهمه لنيل المعرفة نغصّ عليه نشوة الوصول.
هو معدّ ومقدّم ومنتج لمجموعة ناجحة من البرامج التلفزيونية العريقة.
هو الإعلامي زافين قيومجيان الأرمني الأصل الذي اختزلنا معه مراحل مشواره الطويل مع الأضواء والكتابة والناس .
حاورته: ليندا زين الدين
– ما هو التحدي الأكبر الذي واجهك في بداية مسيرتك المهنية ؟
اختلفت التحديات خلال مسيرتي الإعلامية باختلاف المراحل، ففي بداياتي كان التحدي بيني وبين المشاهد تبيان تمكٌني من اتقان اللغة العربية، على الرغم من أنني أرمني الأصل . أما لاحقاً فالتحدي الأهمّ الذي رافقني كان في إثبات جدارتي وتفوقي على الآخرين بتقديم كل ما هو جديد ومفيد للمتلقي بعيداَ عن التكرار والنمطية والتزلف… وقد كسبت الرهان بقدرتي على خلق أجواء مريحة داخل الأستوديو نتيجة اتباع حوار صادق وديمقراطي بين الضيوف.
– بات هدوئك على الشاشة من السمات التي اثبتت حضورك. هل تتقصٌده أم هذه طبيعتك؟
لم أرتدِ الأقنعة يوماً في حياتي، أتصرف أما م الكاميرا على طبيعتي دون تكلٌف. أنا متصالح مع نفسي إلى أقصى الحدود وأعتقد أن قوتي تكمن في الصدق الذي انعكس على شخصيتي ، لذا لا أصطنع المواقف ولا أدعي ما لست عليه. ما أقوم بتقديمه يشبهني، ويتماشى مع قناعاتي ونظرتي للأمور. كما أنني تواق إلى المعرفة وأرفض التعصب والتطرف.
– حصلتَ على جوائز تقديرية عدة، أيّا منها استحقيت بجدارة ؟
كل جائزة لها رونقها الخاص غير أني أعتز بجائزة صحيفة نيوز ويك التي صنّفتني كواحد من بين الشخصيات الأربعين الأكثر تأثيراً في العالم العربي لعام 2005
– كيف استطعت تحصين استقلاليتك الإعلامية في حين أن لكل مؤسسة سياسة توجٌه خاص بها ؟ وهل احتضان المؤسسة للإعلامي هو الضمان الوحيد لاستمراريته في عمله ؟
عام 1992 التحقت بتلفزيون لبنان كمراسل ومقدّم لنشرة الأخبار المسائية، وبعد ذلك بوقت قصير أصبحت المندوب لهذه المحطة في القصر الجمهوري، ومن ثم في القصر الحكومي، إلا أنني أخذت قراراً بالإبتعاد عن السياسة تحسباً من الوقوع في فخّ التحزّب للمحطة التي أنتمي إليها .وكي أستطيع الحفاظ على استقلاليتي الفكرية ونهجي المعتمد، كوني لا أعمل إلا بما يمليه عليّ ضميري المهني. لذلك علاقتي بمدراء المحطات التلفزيونية لم تكن يوماً جيدة لأنني حرصت على إبقاء مسافة بيننا منعاً لأي تأثير مضاد عليّ وعلى الرغم من ذلك أتعاطى مع الإدارات كموظف وليس كنجم وأطلب بالتالي منها أن تحاسبني عند الضرورة .
– يقال أنك متعال أتعتبر هذا التوصيف ذمًا أم مديحا ؟
أنا شخصية عامة ووجه تلفزيوني معروف، فمن الطبيعي أن يراني كل واحد على طريقته ومن منظاره الخاص فالبعض يراني متعال، والبعض الآخر يراني عكس ذلك تماماَ .
– “سيرة وانفتحت”، إحدى برامجك التلفزيونية الناجحة، أي سيرة رغبت بفتحها ولم تتجرأ بمجاهرة جمهورك بها ؟
بالفعل هذا البرنامج احتلّ صدارة البرامج الحوارية العربية لثلاثة عشر سنة متتالية تطرقت من خلاله إلى مختلف القضايا السجالية الجريئة وبالإجمال جاهرت جمهوري بمعظم المسائل التي تهمّ المواطن في المجتمع العربي والتي كنت أرغب بطرحها ومعالجتها . وأودّ الإشارة إلى أنّ “سيرة وانفتحت” كان مبنيا على المواضيع المطروحة وليس على الضيف عكس بعض البرامج الأخرى، لذا أفتخر به لأن من خلاله جسدت رؤيتي الريادية في التغيير والتجديد نظرا لمساهمته بإحداث تحولات ومواكبة تطورات كثيرة.
– ما تعليقك على برنامج “عل أكيد”؟
” عالأكيد” أيضاً من البرامج الباهرة التي عرضت على شاشة تلفزيون المستقبل وعالجت الكثير من الملفات الإجتماعية بنمط حماسي جديد. وقد استحق الإعجاب والتقدير خلال فترة وجيزة .
– علام تعتمد في انتقاء أعمالك؟
أعتمد على حاجة السوق والمشاهد والتلفزيونات وأرافق إحساسي في اختيار الأفضل . فانا أسعى دائماً إلى صناعة أعمال فريدة من نوعها من حيث المضمون والأسلوب ولا أتنازل عن مبدأ خلقي المهنة الذي يصون خياراتي.
– عنوان لمسيرتك؟
بعد تردد وإصرار مني، ابتسم وقال: ” زافين أولى حبات المطر” (وبدا واضحاً أن السؤال استفزه بعض الشيء)، فاستطرد قائلاً أن إسم زافين يعني أولى حبات المطر وهذا ما أنا عليه سبّاق في مجالي، مقدام، أهوى التغيير، لذا أستنبط مغامرات إعلامية بعيدة عن الأنماط التقليدية السائدة. إن هامش التحدي بداخلي يكبر ويحثني على إعطاء أفضل ما لديّ في كل يوم جديد وما وصلت إليه خير دليل على سنوات التحدي والجهد المتواصل.
– هل لجوئك إلى الكتابة هواية أم هروب من ضجيج الواقع؟ وما هي الكتب التي أصدرتها ؟
الكتابة بالنسبة لي هواية وقد تمرست فترة طويلة بهذا المجال. ففي عام 2013، أصدرت كتابا بعنوان ” لبنان فلبنان” بثلاث لغات وهو من الكتب الأكثر مبيعاً ويحتوي على مجموعة نادرة من الصور الأيقونية لأناس وأماكن اتخذت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، والقصص المصاحبة للصور تروي مآسي الضحايا الناجين آنذا ك. ويوجد كتاب بعنوان “شاهد على المجتمع” الذي صدر عام 2013 عن دار أكاديميا جمعت فيه بالتعاون مع الدكتورة دوللي حبّال، الإختصاصية في علم النفس السريري خلاصة تجربتنا في حلقات ” سيرة وانفتحت ” وأنا اليوم بصدد إعداد كتاب ثالث يتناول تاريخ التلفزيون في لبنان.
– متى يكون المجتمع هو الشاهد ؟
المجتمع هو دائماً الشاهد والشهيد والفاعل في كل المراحل والأزمنة… هو البطل.
– هل الشهرة بالنسبة اليك هدف أم نتيجة ؟
نتيجة ..
(المال والشهرة ما بيهموني، وما كانو هدف أساسي بمسيرتي)
– مثالك الأعلى في الإعلام؟
لا يوجد أحد اعتبره مثالي الأعلى في الإعلام، إنما كانت تلفتني الإعلامية دوللي غانم بأدائها. في الواقع لكلّ زميل ميزته في التقديم والإطلالة.
– هل تخاف أن ينطفئ وهجك حين ينتهي دورك على المنبر؟
بالتأكيد هذا هو الهاجس الأكبر في حياتي أخاف أن يأتي يوم تنضب فيه افكاري فأصبح غير مثير للإهتمام وغير قادر على التجدد والتطورلأن الفرق بيني وبين زملائي هو أن الناس تنتظر ظهوري على الشاشة في تقديم حلقاتي التلفزيونية ولا ينتظرون ظهور الضيف الذي سأقدمه اليهم .
– ما أجرأ قرار اتخذته؟
الزواج
– من ينافسك؟
(بكل ثقة) كل إعلامي متميز ينافسني.
– لو لم تكن زافين، لكنت؟
مصوراً فوتوغرافياً أو كابتن طائرة أو ربما معالجاً نفسياً .
– علام تثور؟
على الظلم وإذا خُيّرت بين خيارين أن أَظلُم أو أن أُظلم فإني سأفضل الخيار الأول .
– هل تدين لتلفزيون المستقبل؟
طبعاً، وأعتبره بيتي الثاني، أدين له بكل تفاصيل نجاحي لأنه احتضنني وآمن بكفاءتي وبقدراتي الفكرية على تخطي المألوف. كما أدين لتلفزيون لبنان أيضاً.
– حدث مزعج لا تنساه؟
إغلاق قناة المستقبل عام 2007 والقرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية السابق إميل لحود بتوقيف برنامجي ” سبعة على خمسة 5 /7 ” الذي كان يبث على شاشة تلفزيون لبنان.
– ماذا تقول لزوجتك لوري ؟
(ضاحكاً) أنني ما زلت أحبها بالرغم من مضي 13 سنة على زواجنا.
– لأولادك؟
– أحبهم كثيراً وأتمنى عليهم أن يقللوا من طلباتهم