أتقن لغة المال والأرقام؛ رجل أعمال ناجح، مصرفي مميّز وسياسيّ واعد.
مُلفت بتواضعه، عفوي بحضوره ومقنع بتماسكه النفسي.
ميشال مكتّف شخصية من نوع آخر، متعددة الإنعكاسات ونهج منفتح على مختلف الإتجاهات.
تضجّ حنايا ذاته بمفترقات زمنية حملت حنين الماضي، نبض الحاضر، وشعلة المستقبل.
أبى أن يلغي كيانه ضمن “المجموعة” فتخطّى بمفهومه القواعد التقليدية للمعادلات.
حصّن ثوابته الراسخة، فخرج عن قافلة التبعية رافضاً الرضوخ لسياسة الأمر الواقع.
يقدّر جيّداً مدى التحدٌيات التي تواجهه، فيمنحها مقدارها من التضحية في سبيل تخطّيها والإنتقال إلى مرحلة أهمّ.
في خضم الصورة السياسية القاتمة، يُطلّ ليعلن عن مشروع إنقاذي عبر ترشحّه للإستحقاق النيابي القادم.
البعض قد يعتبره مشاكساً والبعض الآخر منافساً وقد تتساءل فئة من المتنيين عن مدى قدرته في مواجهة أقطاب الإرث السياسي.
خلال جلستنا الحوارية بدا لي واثقاً من إجاباته رغم المقاييس الظرفية في لبنان التي أضحت أقوى من طموحات الرجال.
في مكتبه كان اللقاء حيث اختصر مراحل حياتية بدءً من العائلة مروراً بالتجربة الحزبية وصولاً إلى الأهداف الشخصية.
هل ميشال مكتّف قادر أن يخلق مساحة مستقلة في وجه المحادل الإنتخابية؟ وهل هو قادر على تسويق شعارات خارج الشعارات المعهودة؟
أسئلة تبقى رهن صناديق الإقتراع… ورهن الظروف…
حاورته: ليندا زين الدين
محبة الناس صنعت حضوري
– من هو ميشال مكتّف؟ وماذا عن عائلتك الصغيرة؟
نشأت وترعرت في ربوع المتن الشمالي، منطقتي التي أكنّ لها مشاعر خاصة وحنيناً لا متناهياً كونها مصدر قوتي وضعفي في آن، وتربيت في كنف عائلة دافئة متّحدة مكوّنة من والديّ جورج وجاكلين وأربعة أشقاء هم المستشارون الأول لي في مختلف نواحي حياتي المهنية والسياسية ،وأخت واحدة تربطني بها علاقة جداً مؤثرة. كنت متزوجاً من نيكول الجميّل، ولديّ ثلاثة أولاد: كريم، ماريان ولورا هم بهجتي وفرحة عمري. عملت في شركات والدي المصرفية لأكثر من عشرين عاماً إلى أن استشهد بيار الجميّل صديقي ورفيق دربي في حزب الكتائب، عندها تفرغت للعمل السياسي كلياً. اليوم أنا مرشح للإنتخابات النيابية القادمة عن المقعد الكاثوليكي لقناعتي التامة بأنّ لديّ من المؤهلات ما يكفي لتقديم أفكار وطروحات بغية تحسين مستوى حياتنا اليومية والتمهيد لبناء مستقبل أفضل للأجيال؛ الغرض منها إخراج الهدف من طور الحلم والتمنيات وإرسائه على أرض الواقع.
– من الأقرب إليك ميشال رجل الأعمال أم السياسي؟
الإثنان معاً، لأن حياة الإنسان تنقسم إلى مراحل؛ تبدأ بالحياة العائلية ثم بالحياة العملية، الإجتماعية، والسياسية… لم يكن تعاطيّ في الشأن العام من باب الصدفة لأني على احتكاك مباشر مع الناس وهمومهم ومطّلع على حاجاتهم ومتطلباتهم اليومية غير المتوافرة أحياناً، وقد عايشت الحرب اللبنانية الأهلية وتعايشت مع انعكاساتها السلبية لاحقاً على معيشة المواطن وأمنه واقتصاده. فالعمل السياسي من منظاري هو عمل يومي لا يتوقف عند محطات الحياة المتشعبة. والسياسة بدورها، أداة لطرح حلول لمشاكل الناس والأزمات التي يتعرض لها المجتمع. إن هدفي الرئيسي لولوج الندوة البرلمانية ما هو إلا لإمكانية إبداء الرأي بغية تقويم المسار.
– ما هو القرار المصيري الأصعب الذي اتخذته في حياتك؟
عدة قرارات صعبة اتخذتها، فأثناء الحرب عندما كنت قادراً أن أكون المحرّك الأول للسيولة النقدية في القطاع المصرفي جازفت بعدة قرارات لكني كسبت الرهان لأني آمنت دوماً أن القطاع المصرفي في لبنان هو القطاع الأهم والأبرز. أيضاً القرارات السياسية التي شاركت في صنعها داخل حزب الكتائب مع الشهيد بيار الجميّل كانت مصيرية. ولعلّ وصوله إلى البرلمان لدليل قاطع على أن الخيارات كانت صحيحة على الرغم من صعوبة القرارات. كذلك قرار زواجي وبطلانه يدخلان في خانة أصعب القرارات.
– من صنع حضورك؟
لا شك أنّ محبة الناس عامل أساسي في صنع حضوري وبلورته، وحتى تستمر هذه المحبة لا بدّ من المحافظة عليها من خلال تعزيز العلاقات وترسيخ الثوابت مع الشريحة التي تساهم بوجودي على الساحة السياسية. وهذا هو واقع ما حصل في علاقتي مع المحبين وهم كثر.
أتبنى مشروع قانون التصويت التراكمي أو التفضيلي
– عقدت العزم على خوض الإنتخابات النيابية المقبلة منفرداً دون أن تكون محسوباً على أحد بعيداً عن اللوائح المعدّة سلفاً. أهل هذا يعني أنك لم تقتنع بمواقف جهة سياسية معينة؟
كي أكون مستقلاً في الرأي والتعبير وصادقاً مع مؤيديّ يجب أن أبقى بعيداً عن المحسوبيات التي تحدّ من مصداقية العمل النيابي وتشدّ الخناق على ما تبقى من حريات. قد أتلاقى مع الآخر بطروحات محددة وأتعارض معه بطروحات أخرى، وجهة الإختلاف هنا تكمن في الإستراتيجية المتخذة للوصول إلى الهدف المنشود وهو بناء دولة وليست بالهدف نفسه إذا كان هذا الآخر يؤمن بالسياسة ذاتها. إذاً كي أعبّر عن اختلافي أنا ملزم باتباع خط مستقل لا يلزمني بنهج لا أؤمن بجدواه.
– هل أنت مع القانون الأورثوذكسي؟
أرفضه كلياً، لأنه ليس لمصلحة المسيحيين ولا لمصلحة لبنان، ولا يندرج في إطار إعادة التمثيل المسيحي كما يقال. في الأفق عدة اقتراحات لحلّ أزمة قانون الإنتخابات يتناسب وحرية التعبير المطلقة للمنتخب.
– إذاً ما الطرح الذي تتبناه أنت؟
أتبنى وباقتناع مشروع قانون التصويت التراكمي أو التفضيلي، الذي يسمح بتقسيم لبنان إلى 38 دائرة بحيث يصبح عدد المقاعد في كل دائرة أقلّه مقعدين وأكثره خمسة مقاعد، ما يفسح في المجال للتواصل الأسهل والأجدى بين المرشح والناخب. هذا القانون يعطي للناخب عدد أصوات يوازي عدد المقاعد وبحرية تامة. فالناخب يستطيع التصويت لعدة مرشحين أو الإكتفاء بالتصويت لمرشح واحد لا غير، وبالتالي يُنتخب الممثّل المناسب والفعلي لإرادة الشعب في كل دائرة وفي كل قضاء، ما يُغني عن وجود عدد هائل من الممثلين المزيفين الذين استقلوا “البواسط” فنجحوا بفعل التبعية العمياء. نحن بحاجة فعلاً إلى تمثيل حقيقي طائفي الإنتماء والمضمون معاً. عرف عن لبنان منذ القدم أنه مرتعاً للحريات فكيف يمكن لنا منع لبناني من التصويت لمرشح من غير طائفته أو مذهبه؟
– بماذا تعد ناخبيك؟
أعدهم بأني سأبقى إلى جانبهم وأبذل قصارى جهدي لأغدو أحد المؤثرين في القرارات السياسية المصيرية فأبرهن أن لبنان ما زال موطن الحريات والعيش المشترك.
– في أية مرتبة تصنّف نفسك بين مرشحي المتن الشمالي؟
أترك الحكم والتصنيف للمواطن، وليس عندي أدنى شك بأن نسبة الأصوات المؤيدة لي ستكون عالية جداً.
– كيف تقيّم علاقتك بالأطراف السياسية المتنية؟
هناك عدة قيادات متنية أبادلها رأيها السياسي، ليس لديّ خصومة شخصية مع أحد بل سياسية لا غير، وهذا بسبب تمسّكي بخط سياسي معيّن. من البديهي أن التواصل مع نواب آخرين ضروري، شرط أن نلتقي على “الهدفية” نفسها.
– ما من مواطن لا يتألم من الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة؛ والوطن يحتاج إلى من يضحي في سبيله. برأيك إلامَ يفتقد هذا الوطن ليعود إلى مساره الطبيعي؟
يفتقد وطننا إلى مقومات الدولة الحقيقية التي تستطيع نشر الإستقرار المفقود منذ زمن. يحتاج إلى ثورة على كافة الأصعدة الإجتماعية، الإقتصادية، الإنمائية، الصحية والتربوية ولا بدّ أن نتكاتف ونتعاضد مع أصحاب الكفاءات الذين لديهم رؤية مستقبلية ويدركون معنى المسيرة الحقة.
– الإنقسامات الحادّة بين وجهات النظر السياسية ليست إلاّ ترجمة لإنقسام اللبنانيين بين مشاريع سياسية متباعدة ينادي كل منها بوطن يتناغم وطروحاته. لو قُدّر أنك فزت ودخلت البرلمان كيف ستحصّن نفسك من المساومات المغرية؟
تجربة الوزير بيار الجميل هي أكبر دليل على أنه حافظ على مصداقيته وشفافيته ولم يتواطأ مع مغريات السلطة، بل دافع حتى الرمق الأخير عن قضية قدّس مبادءها وأظهر عن انفتاح على الجميع بمعزل عن انتماءاتهم الطائفية أو الحزبية خلال توليه وزارة الصناعة. إذاً الحصانة تولد من ذات الإنسان لذا الخلل في السياسيين لا في السياسة.
– من يدعم حملتك الإنتخابية، أهي الإمبراطورية المصرفية التي تملكها أم الثقة الزائدة في النفس؟
(ضاحكاً) كلاهما معاً، بالمطلق لا وجود لنشاط سياسي بلا مال، وطبعاً أنا قادر على دعم نفسي مادياً دون اللجوء إلى أحد.
– علام تراهن؟
على محبّي ميشال مكتّف.
المهم أن يبقى العلم مرفوعاً…
– انتميت إلى حزب الكتائب في مرحلة من المراحل، هلاّ تزال متمسكاً بقناعاتك الحزبية؟ وكيف تقيّم علاقتك به اليوم؟
حزب الكتائب “تاريخ” بحدّ ذاته، ومن الأركان التي صنعت استقلال لبنان. وقضية الحزب كان هدفها ولا يزال بناء دولة متماسكة سليمة تعمل لخدمة الشعب. هذا الشعار ما زلت أنادي به، إنما إنطلاقاً من مقولة ” ليس المهمّ من يرفع العلم، إنما المهم أن يبقى العلم مرفوعاً”. سلّمت المسؤولية للرفاق بعد أن أدٌيت واجبي على أكمل وجه لأن المسار السياسي يفرض علينا أحياناً اتخاذ هكذا قرار.
– لماذا هذا الشرخ الحاصل بينكما اليوم؟
إذا وُجد شرخاً ما، فليس ناتجاً من ناحيتي لذا لا أملك جواباً على هذا السؤال.
– هل رفقاء الأمس باتوا أخصام اليوم؟
أشكر الله أن رفاق الأمس ما برحوا رفاق الحاضر والخصومة بعيدة عنا كل البعد. خسرت بعضهم على الدرب وهذه خسارة لن تعوّض.
بيار … كنت على حق!!!
– بالنسبة إليك أين تضع علامة الإستفهام؟
على الشرق الأوسط الذي وطأت قدما سيدنا المسيح أرضه. فمنذ ذاك الزمن وهو يتخبط بصراعات ويئن تحت وطأة الحروب والإحتلالات بينما كان العالم الآخر بتقدّم مستمر. ولطالما لم يتغلّب عندنا هاجس البناء أي بناء المستقبل، على هاجس البقاء، أطرح علامة استفهام كبيرة على المنطقة. مع العلم أن هاجس البقاء ليس حصرياً على المسيحيين إنما هو عابر لجميع الطوائف.
– لماذا أنت مقلّ في إطلالاتك الإعلامية؟
أعتبر الزيادة في كثرة الكلام والظهور نقصاً ، لذا لا تهمني الإطلالات الشعبوية غير المجدية إلا إذا دعت الضرورة لإيصال رسالة هادفة لا بد منها .
– مشوار عائلي وحزبي ربطك بآل الجميّل؛ أي مشوار أرهقك أكثر؟
المشواران كانا بالنسبة لي نزهة وتجربة ناضجة، زرعا في نفسي أجمل الذكريات. المحزن فيهما كان بخسارة بيارالحبيب وهي ليست خسارة شخصية بل على مستوى الوطن.
– ماذا تقول لبيار الجميل اليوم؟
كنتَ على حق!!!
– ميشال مكتف؟
ثابر .
– العائلة؟
أحبكم كثيراً.
– أمين الجميّل؟
الله يطوّل بعمرك.
– كيف تمضي أوقات فراغك؟
مع الأصدقاء.
– حين تكون خارج إطار الأرقام والطوق الإجتماعي الصاخب، عمَّ تبحث؟
عن أفكار وطموحات جديدة.
– هل أنت : مغرور؟
ليس كثيراً.
– خجول؟
ليس كثيراً.
– وفيّ؟
جداً.
– صريح؟
أعتقد.
– محصّن؟
أكيد!!
– منافساً شرساً؟
نعم، وأسعى أن أبقى.
– كيف تتعامل مع : المال؟
أستخدمه لحياة أفضل.
– المرأة؟
باحترام وهي عنصر مكمّل للرجل.
– آل الجميّل؟
باحترام.
– الخيانة؟
لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين .