بعد إخفاقات عديدة، بات التفاؤل لإيجاد جزئية قادرة على علاج مرض الزهايمر أو على الأقل تخفيف أعراضه أو وقف تدهور القدرات المعرفية لدى المصاب، ممكنا. فهل سيتحقق هذا الحلم الطبي في يوم من الأيام خاصة وأن مرض الزهايمر يصيب نحو 250 ألف شخص في فرنسا سنويا؟
هل التفاؤل بشأن إيجاد دواء لمرض الزهايمر الذي يصيب غالبا المسنين ممكن؟ وهل سيقضي الأطباء والمتخصصون في هذا المجال على هذا الداء الذي يصنف بـ”مرض القرن”، والذي يمس جميع الفئات الاجتماعية؟
بالنسبة لماري سارزان، المسؤولة في قسم الأمراض العصبية بمستشفى “سانت آن” بباريس هناك طبعا بريق من الأمل بالرغم من أن الطريق لا يزال طويلا.
وفي تصريح لأسبوعية “لوجورنال دو ديمونش” الفرنسية، قالت: “هناك تطور كبير وسريع على مستوى الأبحاث الأساسية إلى درجة أن الأطباء والمختصين أصبحوا عاجزين على مواكبتها”، مشيرة “لغاية الآن لم يثبت أي دواء بأنه قادر على علاج الزهايمر“، ودعت إلى”التعامل بحذر مع الإعلانات التي تقوم بها بعض المختبرات الطبية” بخصوص هذا المرض.
وأضافت “في بعض الأحيان، عندما تتقدم التطورات العلمية بشكل ملحوظ، فهذا قد يسمح للأبحاث السريرية أن تتجسد على أرض الواقع بشكل سريع”.
محاربة تدهور القدرات المعرفية
ويصيب مرض الزهايمر حوالي 250 ألف شخص سنويا في فرنسا. فيما يصفه البعض بمرض “القرن” و”الأصعب” كونه يجعل المصاب به يفقد الذاكرة وينسى حاضره وماضيه ويتحول إلى عبء على عائلته وأقربائه.
في ديسمبر/كانون الأول 2019، أعلن مختبر “بيوغان” الأمريكي خلال مؤتمر طبي أن جزئية “أدوكانوماب” التي اخترعها، قادرة على وقف تدهور القدرات المعرفية لدى بعض المصابين.
وطالب المختبر بالحصول على إذن من قبل اللجنة المكلفة بمراقبة الأدوية في الولايات المتحدة لتسويق هذه الجزئية، لكنه لم يتحصل عليها لغاية الآن.
رغم ذلك، يعتقد باتريك دالماني، وهو أستاذ في الكمياء الطبية بجامعة كاين ومدير معهد الدراسات حول الأدوية في منطقة نورماندي (شمال غرب باريس) أنها “المرة الأولى التي قد تتم المصادقة على علاج طبي” مخصص لمعالجة مرض الزهايمر”.
آفاق طبية كبيرة
ومختبر “بيوغان” ليس هو الوحيد في سعيه لإيجاد دواء لمرض الزهايمر، بل شركات طبية أخرى دخلت على خط المنافسة من أجل توفير دواء فعال.
ويرى مختص في الأمراض العصبية لم تذكر الجريدة الفرنسية اسمه، أن المنافسة التي اندلعت بين المختبرات لإيجاد دواء لمرض الزهايمر أمر إيجابي، خاصة بعد فشل مختبري “فايزر و”ليلي” في هذه المهمة”.
وقال “كنا نعتقد أن شركات الأدوية تراجعت عن فكرة إجراء بحوث لإيجاد دواء يعالج مرض الزهايمر بعد فشل مختبر فيزر وليلي بإيجاد جزئية طبية”.
وإلى ذلك، عبر الطبيب المتخصص في الأمراض العصبية برينو دوبوا ورئيس قسم الأمراض العصبية في مستشفى “سال بتريير” بباريس، أن “أختراع مختبر بيوغان لجزئية علاجية يفتح آفاقا كبيرة للقضاء في يوم من الأيام على مرض الزهايمر”. وقال في هذا الشأن “نحن ربما في الطريق لإيجاد حل لهذا المرض. لكن يجب علينا أن نكون حذرين طالما لم تنشر نتائج التجارب السريرية”، مشيرا أنه في “حال ثبتت فعالية الدواء في 2021 فهذه السنة ستكون من بين السنوات المهمة في تاريخ محاربة مرض الزهايمر”.
معالجة أعراض مرض الزهايمر
وأضاف هذا المختص في الأمراض العصبية أنه ” من الصعب معالجة مرض الزهايمر. ربما نستطيع فقط إيقاف تطوره. لذا هدفنا الأساسي هو تشخيص المرض في وقت مبكر وقبل أن يفقد الإنسان استقلاليته”.
هذا، وأظهرت دراسة نشرتها المجلة الطبية العريقة “ذو لانسيت” وجود إمكانية تجنب 40 بالمئة من حالات الإصابة بمرض الزهايمر، وذلك باحترام بعض الإرشادات الصحية، مثل الامتناع عن التدخين وعدم الإفراط في تناول المشروبات الكحولية وتجنب السمنة وتفادي الجروح على مستوى الرأس والعيش في مكان غير ملوث إلخ…
ويعتبر الأستاذ في الصحة العامة في المستشفى الجامعي بمدينة ليل (شمال فرنسا) ورئيس “مؤسسة الزهايمر”، فيليب أمويال ، “تأخير تاريخ ظهور أعراض مرض الزهايمر هو أحسن شيء ممكن أن نقوم به لمنع تفشي المرض، لأنه عندما تظهر الأعراض المرضية لدى شخص عمره يصل إلى 75 عاما، فهذا يعني أن المرض قد بدأ في التطور قبل 15 سنة”.
أما غيوم دوروتي، وهو باحث في المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي، فلقد أكد عدم “وجود أي دواء سحري لمرض الزهايمر بل الرهان هو الكشف عن جميع المرضى في المرحلة الابتدائية لمعالجتهم”.
المصدر: فرانس24