يحتضن جبل سدانة المتفرع من جبل الشيخ، بلدة الهبارية المضللة بغاباتها وأحراجها الغضٌة. هي إحدى بلدات قضاء حاصبيا في محافظة النبطية، بلدة عريقة، قديمة العهد، اكتسبت أهمية تاريخية تميزت فيها عن باقي بلدات العرقوب إذ يعود تاريخها الى ما قبل الحقبة الرومانية، وقد حظيت ببركة السيد المسيح عندما وطأها ليصعد الى قمة جبل الشيخ حرمون للتجلي. كما وكان للبلدة بركة اسلامية من خلال حركة الفتح الاسلامي.
تنتشر على أراضيها معالم أثرية قيٌمة من مغاور وكهوف ونواويس منحوتة بالصخور بالإضافة الى الأبراج الصليبية والرومانية.
للهبارية الحديثة تاريخ وطني مشهود ه إذ استقبلت البلدة أعداداً كبيرة من أبناء فلسطين بعد حرب عام 1948، وكذلك وقفت الى جانب المقاتلين في ثورة 1958، وشكلت مركزاً لتزويد المقاتلين بالسلاح. وعند اجتياح اسرائيل للمنطقة الجنوبية عام 1978 و1982 لم يتوانى أبناء البلدة في الالتحاق بصفوف جبهة المقاومة الوطنية، فاعتقل العشرات منهم وزجوا في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني، كما استشهد مقاومون عديدون في مواقع نضالية مختلفة. وفي منتصف الثمانينات،كانت الهبارية إحدى القرى من منطقة العرقوب التي أجهضت مشروع الإدارة المدنية، واستطاعت أن تمنع التجنيد في جيش العدو الإسرائيلي كما تمكنت من ومنع تدريس اللغة العبرية في المدارس الرسمية.
تمتاز الهبارية بجغرافيتها حيث تمتد أراضيها الى الحدود مع سورية وفلسطين. تبعد عن العاصمة بيروت 116كلم وتعلو عن سطح البحر 850 متراً. يبلغ عدد سكانها الاجمالي حوالي 5000 نسمة ويمكن الوصول اليها عبر طريق صيدا- النبطية- مرجعيون- سوق الخان- الهبارية. يعتمد الأهالي في معيشتهم على الزراعة وبخاصة الزيتون، المورد الرئيسي حيث يوجد في البلدة أربع معاصر، كما تنتشر فيها زراعات أخرى أهمها الكرمة، الجوز، التين، الكرز، المشمش…
يتسابق أبنائها على متابعة دراستهم ونيلهم علومهم العامة وعلى حبهم لثقافة المعرفة، لذا تخرٌج منها الأطباء والمهندسون والصيادلة والمحامون… كما أن عدداً آخر التحق بالمؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية. الا أن الأوضاع الأمنية الصعبة التي تحكمت بالمنطقة، أدت الى نزوح بعض من الأهالي الى بيروت وضواحيها وهجرة البعض الآخر الى ديار الاغتراب.
وكما معظم القرى الجنوبية النائية، لا تزال الهبارية منسية من طيف دولة، من أولويات واجباتها إيلاء القرى العناية والاهتمام المطلوبان.
فعلى الرغم من التجاهل والتناسي والحرمان المتفشي، لم تفقد هذه البلدة ولا أهلها الهمة والعزيمة. فالمجلس البلدي المؤلف من 15 عضواً يعمل جاهداً برئاسة الاستاذ أحمد عبد اللطيف بركات الذي فازت لائحته بأغلبية مطلقة في الانتخابات البلدية ليكون على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد تمكن من تحقيق الكثير من الأهداف والأولويات ضمن المقدرات المالية المتاحة آخذاً بعين الاعتبار الآراء المقترحة لأبناء البلدة.
وضع بركات بالتعاون مع المجلس البلدي خطة شاملة طالت مختلف النواحي الحياتية.
فعلى صعيد البنى التحتية: قام بتأهيل شبكة الكهرباء وتغذيتها بالتعاون مع قوات اليونيفل. بالإضافة الى تأهيل أقنية صرف مياه الشتاء تجنباً لكارثة بيئية تُغرق الطرقات وأحياناً البيوت الأرضية منها بالأوحال والمياه الملوثة. ولأن للأرصفة دور هام في السلامة العامة حرص المجلس على إنشائها.
الى ذلك، عمد الى تنفيذ أعمال تجميلية للمستديرات وتزويد مداخل البلدة بإنارة فنية.
أما على الصعيد البيئي، قام بتوسيع البقعة الخضراء عن طريق زراعة حوالي 5000 شجرة جوز وصنوبر وخروب بمختلف أنحاء البلدة وتحريج بعض المناطق التي تتعرض للرعي بشكل متكرر. كما تم تقديم مشروع لوزارة الزراعة بغية إنشاء إبرة مياه زراعية. وفي هذا السياق، جرى تأهيل البركة الطبيعية، وشق طرق زراعية لأكثر من حوالي 20 كلم، وتم رفع بعض المشاريع لوزارة الزراعة وللمشروع الأخضر بهدف شق الطرقات المتبقية.
أيضاً، يتم رش المبيدات بشكل دوري لمكافحة الحشرات الطائرة منعاً لأي ضرر قد يسببه انتشارها.
وفي الوقت التي تستفحل فيه مشاكل النفايات في العديد من القرى اللبنانية، حيث يجري تبادل الاتهامات بالتقصير، خاصة وأن مشكلة النفايات باتت واحدة من أهم المشاكل البيئية والصحية المستعصية، تجاوز مجلس بلدية الهبارية هذا المشكل بفضل سعيه الدؤوب من خلال إنشاء معمل فرز بالتعاون مع القوات الاسبانية.
كذلك وُضِعَت خطة هندسية لتنظيم البناء العشوائي، من خلال منع التعديات، استرداد المشاع البلدي وإزالة بعض المخالفات.
وبما ان الشرطة البلدية، حسب قانون البلديات هي عبارة عن ضابطة بلدية، أنشئت للمحافظة على السلامة العامة وتنفيذ القوانين والأنظمة المتعلقة بها، قام المجلس البلدي بتأهيل طاقمها بالإضافة الى زيادة عدد عناصرها بفترات الصيف.
وإيماناً من البلدية بأهمية تفعيل الثقافة كبيرة من أجل إظهار طابع البلدة وترسيخ تراثها فقد نشطت البلدية بتنظيم النشاطات الثقافية التثقيفية ورعايتها من إقامة المعارض والمهرجانات التي تتضمن حفلات فنية ومسرحيات فولكلورية إحياءً للتراث والتاريخ.
ومما لا شك فيه أن المكتبة العامة تؤدي دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية والتربوية كونها توجٌه المجتمع في جميع الميادين، لذا عمد المجلس الى تنفيذ مشروع المكتبة العامة وتطويرها. أيضاً البلدية بصدد تنفيذ مشروع المركز الثقافي وفتح حضانة داخل المركز البلدي.
يبقى لنا ان نتمنى للمجلس البلدي المزيد من النجاح والتوفيق في مسعاه الخدماتي والإنمائي.