بعد زواج دام 27 سنة من ابن عمها، قضت “نجود خداج” حتفها بواحد وعشرين طلقة متنوعة في الجسد، على يد زوجها الذي تركها تسبح بدمائها حتى فارقت حياة أمضتها في العمل المجهد وخدمة ولديها المريضين، وبناء بيت الزوجية حجراً حجر مع زوجها الذي كان يكافئها دائماً بالتعنيف الجسدي واللفظي.
تزوجت “نجود” في الخامسة عشر من العمر كغالبية بنات جيلها، فوجدت أمامها حياة مختلفة في ظل رجل متطوع بالشرطة، وكان عليها أن تربي ثلاثة أبناء شاءت الأقدار أن تصاب الابنة الثانية بشلل وهي طفلة صغيرة، وأن يصاب بكرها في الحرب برصاصة أقعدته لسنوات، وبحاجة لعناية خاصة. وعملت منذ زواجها لسنوات طويلة في التطريز والخيط، وكان جزء كبير من مصروف المنزل تؤمنه من باب المساهمة مع الزوج؛ وبحسب كل جيرانها ومعارفها في قرية “داما”، أو في “أشرفية صحنايا” فإنها ساهمت في بناء بيتهم مع زوجها حتى دب المرض في جسدها المتعب، فأصابها الديسك، وفقدت جزءاً من الرؤية بسبب العمل المركز في التطريز.
وذكر عدد من المقربين للضحية أن الزوج يتمتع بطبع قاسي، ودائم العصبية، وكل من عرفه عن قرب أو من الجيران يشهد على طبعه الصعب، وتعامله الوحشي مع زوجته، ويستخدم كل ما يقع بين يديه للضرب أو التهديد بالقتل بواسطة مسدسه الحربي أو (الشاكوش).
يقول شقيقها وجارها في “أشرفية صحنايا” أن شقيقته كانت تخاف من زوجها لدرجة أنها تتلعثم بالكلام عندما تتحدث معه، وحاول مراراً أن يصلح بينهما كونه ابن عمه؛ «وكانت هي تدفع الثمن من روحها وعمرها وكيانها الذي ضحت به كل هذا العمر من أجل أبنائها، وهذا ما يحرق أرواحنا بعد أن غدر بها وبنا بهذه الصورة الوحشية» بحسب شقيقها.
تركت نجود منزلها قبل سنتين، وطالبت بالطلاق قبل أن تلجأ إلى المحكمة بعد أن طفح بها الكيل ولم تعد تستطيع الاستمرار، لكن أهلها تركوا مجالاً للصلح العشائري مدة سنة وشهرين دون أن يبادر الزوج إلى الحل، فعزمت “نجود” إلى السير بدعوى الطلاق، ووصلت الدعوى إلى جلسة التحكيم الأولى بعد أن تنازلت وعائلتها عن حقوقها. وحدد لها قاضي المذهب جلسة التحكيم الأولى يوم الخميس بشكل استثنائي، حضر الزوج الجلسة، وخرج منها قبل “نجود” التي انتظرت خروجه لفترة لشعورها الدائم أنه يضمر لها الشر، ولن يدعها تعيش حريتها، وكانت شكوكها بمحلها، حيث تبعها في الشارع، وهددها بالقتل، ومضى في سبيله يخطط لجريمته بكل إصرار.
يقول ابن عم الزوج وصديقه: «كان “رسلان” يعرف تحركات الضحية في القرية جيداً، ويعلم أنها تتردد على بيت خالها وتنام عندهم، فانتظر خلف البوابة الكبيرة حتى تأتي، وعندما أقبلت سيارة خالها تجهز للحظة الغدر جيداً، حيث كان لزاماً على أحد أن يفتح البوابة الكبيرة كي تدخل السيارة، وكان حظ “نجود” أن تفتح البوابة، وتقف أمام قاتلها متلعثمة فيما كانت سيارة خالها تسير مسافة عشرين متراً في مدخل البناء دون أن يعلم أن ابنة أخته تواجه الموت». وأشار إلى أن القاتل أمسك زوجته بشعرها فصرخت من الألم، فاجلها ببندقية روسية غير معروفة المصدر ببضع رصاصات في بطنها، وعندما انتبه خالها للصراخ؛ ركض باتجاهها، لكن المجرم حذره من الاقتراب، وأكمل فتح النار على الجسد المتهالك حتى أنهى رصاصات المخزن في القلب.
وجدت الشرطة 18 رصاصة فارغة حول جثة الضحية ليلاً، وفي اليوم الثاني وجد الأهالي 3 رصاصات أخريات في نفس المكان، وبقي القاتل في القرية يراقب المكان، وفي صباح يوم الدفن خرج من منزله المقابل لمنزل بيت ضحيته وهو ينزف من يديه وصدره، في محاولة غير جدية للانتحار؛ فتم إسعافه وإلقاء القبض عليه.
“نجود خداج” تتمتع الآن بحريتها الأبدية، وبعد 27 سنة من المحنة تجد راحتها الأبدية التي بحثت عنها طويلاً؛ لكن حقها الطبيعي أن يجد القاتل عقابه العادل؛ وينال ما يستحقه، فهل تتحقق العدالة؟.
iconnews