دوما تلك القرية التي تستكين في أعالي جبال البترون من محافظة لبنان الشمالي والتي تلفّها الجبال من النواحي الثلاث، توّجت ملكة جمال البلدات عام 1996، وبلدة سياحية عام 1969.
تتغنّى بموقعها الجغرافي، وبعماراتها التراثية من حارات وبيوت وقصور، وبسياحتها البيئية والدينية. تقع على بعد 75 كلم شمالي بيروت و27 كلم شرقي البترون على ارتفاع 1100 م عن سطح البحر. تحدها شرقاً بلدة تنورين وغرباً بلدتي بشعلة وبوشتودار وشمالاً بلدتي كفرحلدا وبساتين العصي وجنوباً جبل ترتج- اللقلوق. أما عدد سكانها فيبلغ 4736 نسمة. وتجدر الإشارة الى أن عدد المغتربين يقدر بأكثر من عشرة آلاف مغترب منتشرين في أغلب بلاد الإغتراب.
أما اسم “دوما”، فيقال أنه استوحي من موقعها الجغرافي المطل الذي يخيم عليه السكينة والهدوء، وهو في اليونانية ” دوم” أي ” القصر، أو القلعة”.
تمتاز البلدة بطبيعتها الجميلة، ومناخها الصحي الصخري البعيد عن الرطوبة، وهوائها المنعش العابق بأريج الصنوبر واللزاب ما جعلها مقصداً صحياً للتعافي من أمراض القلب والشرايين والمفاصل والرئتين.
الى ذلك، تشتهر بزراعة الزيتون، التفاح والكرمة التي تعرف بطيب مذاقها ويقوم الأهالي ببيع ما تيسر من الانتاج وتحويل الباقي الى عرق بلدي ونبيذ فاخر، الا أن هذه الزراعات تبقى في إطار الجهود الفردية لأصحابها دون وجود سياسة من السلطات المختصة لتطويرها والإستفادة من خبرات أصحاب هذا الإنتاج. كما عُرفت أيضاً بتربية النحل، الا أنها تبقى ضمن إطار المبادرة الفردية ويفتقر هذا القطاع الى هيكلية تنظيمية تعمل مع المزارعين لإرشادهم وللإستفادة القصوى من إنتاجهم.
تعتبر دوما بلدة سياحية بامتياز بحيث يستطيع قاصدها ممارسة السياحة بأوجهها العديدة: التراثية، الدينية، والبيئية. فهي تعرف ببيوتها القديمة ذات الهندسة التراثية اللبنانية المبنية من الحجر الطبيعي والمغطاة بأسطح من القرميد كما تظللها القناطر الثلاث في غالبية واجهاتها. تحول البعض منها الى متاحف مفتوحة أمام الزوار عند مرورهم بالبلدة، والجدير ذكره، أن بناء هذه المنازل انطلق منذ عام 1860حين انطلقت هجرة أبناء البلدة الى الأمركيتين الشمالية والجنوبية، مع العلم أن أنه يوجد ثلاثة أنماط هندسية في دوما، وهي: النمط الأول وهو البيت المستطيل ولا يزال هناك بين واحد منه وسقفه من تراب. النمط الثاني وهو بيت الليوان الذي يكون مطبخه منفصلاً عنه والذي توضع الماشية قربه. النمط الثالث، وهو البيت ذو الرواق الذي يحتوي على غرفة وسطية وشرفة مطلة على البحر مع ثلاث قناطر، إشارة الى أن البيوت الأثرية العريقة هي من هذا النمط. أما الوجه الرابع للسياحة التراثية في دوما فهو يكمن في بمدرستين موسكوبيتين تأسستا مع إرسالية بطرس الأكبر عام 1895 وقد أصبحت إحداهما المدرسة الرسمية في دوما. كما أن البلدة تحتضن سوقاً قديماً، يضم حوالي 200 محل وفيه اليوم 130 محلاً ويعمل منها حوالي 60. وفيه نجارون ومحلات سمانة وخضار ومونة، إضافة الى السينما التي أنشئت عام 1930 والتي تستخدم في الصيف لعرض أفلام ثقافية. وفي السوق أيضاً مبنى البلدية ومخفر للدرك وسجن ومحكمة ومركز للبريد وكنيستان وثلاثة مقاهي وهذه الأبنية كلها تراثية.
وتعتبر عيون المياه من أوجه السياحة الثقافية في البلدة. في مقابل ذلك، تعتبر دوما مركزاً للسياحة الدينية، ففيها 3 طوائف هي، الموارنة، والكاتوليك والأرثوذكس ولكل منها كنائس تاريخية. وتعود الى الأرتوذكس الأديرة والكنائس التاريخية والأثرية في هذه البلدة، وأبرزها: خمسة أديرة يعود كل منها الى ألفي عام وهي: دير مار ضومط ودير مار نهرا ودير مار شربل الهراوي ودير مار فوقا، ودير مار شليط، أما دير مار يوحنا الذي يقع في خراج البلدة فهو يعود الى 1600 عام.
وفي دوما أيضاً سياحة بيئية تكمن في موقعها المميز وفي سكة المشاة التي كانت تربط دوما بسوريا مرمراً ببعلبك حيث كانت القوافل تمر، وقد تم ترميم هذه السكة التي تحتوي على فسحات للإستراحة.وتكمن هذه السياحة البيئية أيضاً في طريق الكواع التي تمر في حقول الزيتون وتربط دوما بدير مار يوحنا، وهناك مراكز للكشافة والتخييم ومحميات من الصنوبر…
كذلك، لدوما مهرجان تحييه سنوياً اللجنة الوطنية لمهرجانات دوما خلال الصيف، بالتعاون مع البلدية والجمعيات الأهلية، والذي يقام في ربوع السوق القديم والأماكن التراثية الأخرى، يتضمن معارض حرفية ومعارض للمونة البلدية والأشغال اليدوية، والفنون الجميلة وألعاب ومسابقات للأطفال، إضافة الى سهرات طربية يشارك فيها كبار المطربين والفنانين. كما يتم خلاله تكريم الفنانين الكبار والمبدعين…
أم بلديتها فقد تأسست عام 1881، وهي ثاني أقدم بلدية في لبنان بعد بلدية دير القمر، وكان مجلسها يعرف يومها بالقوميسيون.
يترأس المجلس البلدي الحالي الأستاذ جوزيف المعلوف، الذي يحرص كل الحرص على استغلال كل لحظة وفكرة من شأنها إنماء البلدة وازدهارها على كافة الصعد. وعلى الرغم من التحديات والصعاب التي تعترضه إلا أنه نجح وأعضاء المجلس البلدي في تحقيق جزء من الإنماء والسعي ما زال جارياً لجعل دوما بلدة نموذجية بكل ما للكلمة من معنى.
فبالجهود الجبارة والإمكانات المتواضعة تم تنفيذ بعض المشاريع بحسب الأولويات، نذكر منها:
– توسيع قسم من الطرق الداخلية وتزفيتها، بحيث تصل السيارة اليها السيارة أو التراكتور.
– ترميم وتأهيل عيون مياه الشفه، إذ أنجز ترميم عين التحتا، وسيصار أيضاً الى ترميم عين عكفل، التي تشكل المدخل الرئيسي لدوما من جهة بلدة بشعلة.
– استحداث مركز الدفاع المدني.
– تقديم مساعدات مادية وعينية للمدارس الرسمية والخاصة.
– تقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين…
– تنظيم حملات صحية وفحوصات مخبرية، تناولت الفحص المبكر لأمراض البروستات والعيون وترقق العظام.
– إقامة معملاً لفرز النفايات المنزلية بالإشتراك مع بلدييات تنورين، بشعلة، كفرحلدا، كفور العربي، وحردين.
– وضع مخطط لإقامة حديقة عامة، مساحتها 7000 م ، تكون مكاناً للهو الأولاد، وتسلية الكبار على السواء في الأرض ىالمخصصة لتجمع المدارس.
– مؤآزرة نادي دوما في تنظيم نشاطات عديدة، منها، إقامة المهرجانات الصيفية الدورية.
ويسعى المجلس البلدي لتأمين مشاريع تروي غليل البلدة، ويعمل على وضع برنامج وخطط مناسبة للمضي قدماً نحو التقدم والتطور، تتلخص بالتالي:
– ترميم السوق التراثي.
– إنشاء مكتبة عامة داخل المبنى البلدي.
– صيانة وتأهيل المدافن على مستوى عصري.
– تجهيز أرض الحديقة العامة على مساحة 8000 متر مربع وسوف يكون من المشاريع الحيوية التي ستعكس إيجااً على معالم البلدة والسكان.
– استكمال بعض الطرق الزراعية.
– استكمال عملية مجاري الصرف الصحي.
– استكمال تأهيل المسلخ والأرض المحيطة به.
– استكمال العمل بمداخل البلدة الثلاث.
– العمل على إيجاد قطعة أرض لإنشاء عليها معمل نفايات لبلدات جرد البترون.