الخيارة، قرية صغيرة وادعة من قرى البقاع الغربي، تحمل ألوان الفاكهة والثمر وطيب المواسم والجنى، حال أرضها الزراعية الخصبة، حال أرض القرى المجاورة.
تمتدّ على مساحة 916 هكتار، تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 75 كلم، ترتفع عن سطح البحر 900 م، عدد سكانها يقارب ال 3000 نسمة، فيها حوالي 1500 مغترب بين أمريكا اللاتينية والجنوبية وكندا والخليج. يحدّهاغرباً، بلدتي قب الياس والمنصورة. شرقاً بلدات الدكوة، مجدل عنجر والسلطان يعقوب. شمالاً، بلدة حوش الحريمة. وجنوباً، بلدتي السلطان يعقوب وغزّة.
يعود تاريخها الى القرن التاسع عشر، ويرجّح أن معنى اسمها هو” الخير”. فموقع البلدة في سهل معطاء، وأرض تغُل بالخيّر والبركة أعطاها هذا الإسم أي ” المعطاءة للخير”. اعتمد أهلها على الزراعة منذ أيام العثمانيين، الى أن فُتحت أبواب الإغتراب منذ العام 1890، حيث أصبح اعتمادهم على أموال الإغتراب.
بقي حضور البلدة خجولاً بين المناطق البقاعية الأخرى، الى أن قامت المؤسسات التربوية فيها، فشعّ نورها ولمع إسمها على صعيد لبنان وليس فقط البقاع، إنما بقيت تعاني الإهمال والحرمان من الناحية الإنمائية في ظل غياب الدولة وخدماتها الإنمائية والتنموية.
في العام 1973 صدر مرسوم إنشاء بلديتها، وكان عدد السكان آنذاك 500 نسمة. لكن بسبب نشوب الحرب وتردّي الوضع السياسي، الأمني والإقتصادي لم يُنفّذ المرسوم، وبقي الوضع على حاله حتى العام 1998. حيث أُقرّت الإنتخابات ولكن قبل 15 يوم من هذا الإستحقاق البلدي صدر قرار بوقف الإنتخابات لأسباب مجهولة. إنما بفضل جهود أهل الخير والشيوخ تّم إنتخاب أوّل مجلس بلدي في الخيارة عام 1999.
يترأّس المجلس البلدي اليوم الأستاذ محمد علي مظلوم، منذ العام 2016. والمظلوم مغترب، اغتربَ عن الوطن لكنّه حملهُ بين ضلوعه مدّة ثلاثة عقود .هاجر الى فنزويلا عام 1990 سعياً وراء مستقبل أفضل وإنشاء عمل خاص به، فكان الحظ حليفه، إذ برع في قطاع التجارة والأعمال الحرّة. الجهد، التضحية والمثابرة، سمات شكّلت له مفاتيح النجاح والتفوق، في تلك البلاد تحولّت أحلامه وتطلعاته الى مشاريع عمل على نطاق أوسع.
هو رجل عصامي والشخصية المحبّبة والمعروفة من أغلب أفراد الجالية اللبنانية في فنزويلا. يحظى بمكانة خاصّة وتقدير الجميع، يتميّز بصدقه وتواضعه واندفاعه لخدمة كل من قصده. حقّق نجاحات بارزة في حقل الأعمال، إلّا أن اندفاعه لترسيخ التنمية والإنماء في بلدته قاده نحو الإنخراط في الشأن العام وتأمين مصلحة أبناء محيطه، فعاد الى لبنان ليلملم الجراح وينفض الغبار عن تاريخ أُهمل بفعل واقع مرير.
أخذ مظلوم على عاتقه منذ تولّيه رئاسة المجلس البلدي إعداد دراسة عن واقع البلدة، ما يمكّنه من تحديد سلّم الأولويات، فباشر بإنجاز المشروع تلو الآخر على الرغم من بعض المعوقات الإدارية والمادية حتى بات النطاق البلدي يشهد على ثورة فعليّة على مستوى البنى التحتية. فبالتعاون مع أعضاء المجلس البلدي قام بعملية تأهيل لما يقارب 1000 م من الأرصفة وإنارة الخيارة من خلال إقامة 87 عامود كهربائي. وتوسيع العديد من الطرقات الى جانب تأهيل الأحياء القديمة لتستعيد طابعها التراثي المميز. الى جانب إنشاء أقنية لتصريف مياه الشتاء.
واستكمالاً للخطة التنموية التي بدأها، كانت وقفة مختلفة هذه المرّة، فالهدف جمالي بيئي بامتياز، تجلّى بغرس 8000 شتلة ورد جوري على جوانب الطرقات أضفى جاذبية أخّاذة على المحيط. ولكون هذه الباقة من الشتول المنثورة في أرجاء البلدة عكست رونقاً خاصّاً، تمّ غرس 8000 شجرة معظمها من الجوز والصنوبر. وبما أن المساحات الخضراء من أساسيّات تخطيط البلدات الحديثة، أنشأ مظلوم الحدائق العامة من أجل أن تكون مرافق عامة للتنزّه وقضاء أيام الراحة والإجازة للسكان والترفيه عنهم. وللغاية ذاتها، بادرالى تخصيص أماكن خاصة لممارسة رياضة المشي والهرولة في أجواء نقيّة مشبعة بالأوكسيجين المنبعث من الأشجار والنباتات المحيطة.
الى ذلك، عمدَ مجذوب الى إقامة ملعب ميني فوتبول وتجهيز الملعب الشتوي بكافة اللوازم المطلوبة. أيضاً، وفي إطار مشروع المساعدات، تسلّمت البلدية 13 آلية تنوّعت بين جرافة وبوب كات ومكنة لرفع النفايات وغيرها من الآليات، بناء على دراسة الإحتياجات التي كانت البلدية قد تقدّمت بها الى الجهّات المانحة لتمكينها من النهوض بمهامها، علماً أن تأمين هذه الآليات وفّر على البلدية أعباء مادية جمّة.
وعلى نفقته الخاصة قام باستكمال بناء القصر البلدي الذي كان قد بوشر العمل به مسبقاً، والذي حظي بإهتمام كبير من الناحية التجميلية، وتجهيزه بكافة المستلزمات وبمركز للمعلوماتية. مع العلم أن البلدية السابقة عجزت عن إكماله نظراً لكلفة بنائه العالية، فبات يحتضن اليوم قاعة مؤتمرات، تسعة مكاتب، قاعة لعقد الإجتماعات وجناح للمستوصف، إضافة الى إنجاز الحديقة الداخلية والساحة الخارجية للأفراح.
ويعمل مظلوم على وضع برنامج تنموي يهدف الى الإرتقاء بمعايير العيش وتعزيز إزدهار فرص العمل من خلال إقامة مشروع السوق التجاري الذي سوف يتضمن سلسلة من المطاعم والمقاهي التي ستساهم في تنشيط الحركة الإقتصادية في المنطقة، وتُمكّن الجيل الصاعد الذي يواجه صعوبات في إيجاد عمل لائق ومنظّم من تحسين وضعه الإقتصادي. الى جانب بناء شقق سكنية متكاملة بإيجار رمزي لمساعدة الشباب على الزواج والتوجّه الأُسري.