تمكّن المهندس المغربي أنيس كِرامة من اختراع قميص يحمي الأطفال من الاختطاف، وهو عبارة عن لباس داخلي يعمل عن طريق تطبيق يتمّ عبره تتبّع الحركة، إذ يمكّن الأسرة من تحديد مكان طفلها في حال تعرضه لأي تهديد.
أنيس كِرامة، 26 سنة، مهندس في الإلكترونيات والاتصالات. درس بجامعة الحسن الأول بسطات، حيث حصل على إجازة في الهندسة الكهربائية، ثم شهادة مهندس دولة في الاتصالات سنة 2016. وهو يقطن الآن بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء حيث يسير شركته المتخصصة في الإلكترونيات والتكنولوجيا.
في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، قال المخترع المغربي: “فكرة تصميم هذا القميص الذكي، جاءت بعد فاجعة اختطاف وقتل الطفل عدنان بوشوف، بمدينة طنجة. لقد كان حدثا صادما بالنسبة لي، مثل جميع المغاربة. وقلت في نفسي، لماذا لا نسخر التكنولوجيا لحماية الأطفال من التحرش والاعتداءات؟”.
كان هذا هو السؤال الذي دفع أنيس إلى الانطلاق في أبحاثه. فقام بالتواصل مع عدة أطباء متخصصين في صحة الأطفال، لجمع المعلومات وفهم الظاهرة.
وداخل ورشته الصغير، اشتغل أنيس لمدة أسابيع لإخراج مشروعه إلى الوجود، وهو عبارة عن قميص به عدد من الحساسات المتصلة بجسم الطفل والتي تستشعر خوفه أو إحساسه بالخطر، وذلك اعتمادا على وتيرة نبضات القلب، وتغير حرارة الجسم، واضطراب التنفس، وارتفاع منسوب الأدرينالين في الدم.
ويتوفر القميص أيضا على حاسوب صغير يدرس كل هذه المعطيات، ويقوم بالاتصال هاتفيا بالآباء فور تعرض الطفل لأي خطر، ويسمعون حينها كل ما يجري في محيط طفلهم، كما تمكن من تحديد موقعه وتتبع تحركاته لحظة بلحظة.
الفكرة رادعة
وأكد المخترع المغربي أن فكرة قميص ذكي في حد ذاتها رادعة. لأن أي مغتصب سيتردد في التحرش بالأطفال إذا أصبح القميص منتشرا. كما يمكن ارتداء القميص كلباس داخلي، لا يمكن لأحد أن يراه.
ويطمح أنيس حاليا لتسجيل اختراعه دوليا، ليتمكن في مرحلة مقبلة، من الشروع في تصنيعه. وهو الآن قيد التواصل مع مجموعة من المصانع للحصول على الرخص اللازمة للشروع في الإنتاج والتوزيع على مستوى العالم.
وأكد في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” أنه يعتزم طرحه قريبا في الأسواق وبثمن مناسب، لأنه على حد قوله، “يريد أن يستفيد منه الفقير قبل الغني، بحكم أن الأطفال الفقراء يعيشون في أحياء شعبية ويتنقلون كثيرا عبر المشي”.
ويتذكر أنيس كيف أنه كان شغوفا بالابتكار منذ نعومة أظافره وتفكيكه للألعاب التي كان يقتنيها والداه، إلى قطع رغبة منه في سبر أغوارها وفهم طريقة عملها.
وكانت أول مرة تفتقت فيها موهبته الإبداعية، سنة 2012، عندما قام بإعداد جهاز للوقاية من حوادث السير، يتم وضعه داخل السيارة، ليقوم بتنبيه السائق إلى العلامات التشوير وتذكيره عند تشتت انتباهه.
وكشف الشاب المخترع أنه يملك 40 مشروعا خرجت 7 منها إلى حيز الوجود، منها ما يهمّ تسهيل عملية التصويت وضبط نتائج الانتخابات، وتسهيل حصول الطلبة على وثائقهم انطلاقا من الشباك الأوتوماتيكي والذي وصل مراحله النهائية وسيتم الإعلان عنها قريبا، وغيرها من المشاريع.
قضية عدنان تعيد إشكالية الاعتداء على الأطفال إلى الواجهة
وأثارت قضية الطفل عدنان، 11سنة، في سبتمبر من العام الماضي، موجة تضامنية واسعة ومطالب بمعاقبة مغتصبي الأطفال وزجرهم.
وفي سياق متصل، حذر عثمان زيمو، الخبير في علم النفس، من تداعيات الاغتصاب على الأطفال، حيث أكد في حديث لسكاي نيوز عربية، أن الطفل إذا تعرض إلى اعتداء جنسي فإنه يكون تحت صدمة نفسية كبيرة، لا يمكن ترميمها بعد بلوغ الطفل لسن الرشد.
وأضاف: “بل يجب مواكبته نفسيا مباشرة بعد تعرضه للاعتداء”.
وفسر ذلك بكون “الصدمة أقوى من التمثل العقلي للطفل. وهو ما يبقى مكبوتا في اللاشعور، بل ويؤثر غالبا في تحديد هويته الجنسية، وهو ما قد يحوله في أحيان كثيرة إلى مغتصِب بعد سنوات من ذلك”.
وأضاف الأستاذ زيمو، أن الطفل المعتدى عليه، في غياب للدعم النفسي، قد يتقمص بعد بلوغه لدور مغتصبه، ويقوم بالاعتداء على أطفال آخرين، وهو ما يسمى في علم النفس بالمكوص، أو العودة إلى فترة الطفولة، وخصوصا إلى نقاط الخلل التي بقيت عالقة في ذاكرته اللاشعورية الوجدانية. مضيفا أن “البيدوفيل” هو بنية نفسية مريضة لم نتضج جنسيا.
وينخرط المغرب بشكل واسع في المنظومة الدولية والأممية للطفل. كما شارك في إعداد عدد من الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات المتعلقة بالحقوق الفئوية الخاصة بالأطفال.
وينصّ القانون الجنائي المغربي على معاقبة أفعال هتك العرض أو محاولة هتكه، مرتكبة في حقّ كلّ طفل أو طفلة تقلّ سنّه عن 18 عاماً، بعقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات بحسب الفصل 484 من القانون الجنائي.
وهي عقوبات محط جدل كبير في الأوساط الحقوقية، بين مطالبين بالرفع من العقوبة واخرين يدعون للإخصاء الكيماوي للمغتصبين.