“السلطان يعقوب”، تلك البلدة الواقعة على تلة في البقاع الغربي، والمطلة على معظم سهل البقاع، ذاع صيتها بسبب موقعها الجغرافي الذي يحتضن مقام ” السلطان يعقوب”، وما شهدته من أحداث أبرزها خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان صيف 1982.
تنقسم اليوم الى قسمين: ” السلطان يعقوب التحتا” المعروفة باسم “لوسي”، و” السطان يعقوب الفوقا” التي يقع فيها مقام ” السلطان يعقوب”. تتميزالبلدة بكثرة أهاليها المهاجرين خاصة الى البرازيل وفنزويلا ودول أخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا ودول الخليج… تبعد عن زحلة 30كلم، ويقدر عدد سكانها بنحو 8000 نسمة.
تحدها من الشمال، بلدتي الصويري والدكوة. من الجنوب، بلدة كامد اللوز. من الشرق بلدتي المنارة وعيتا الفخار ومن الغرب، غزة. تحولت هذه البلدة بسبب مقام “السلطان يعقوب” الى مزار لأهالي البلدة والجوار الذين ينذرون النذور لله عن طريق ” السلطان يعقوب”، فمنهم من يقرأ مولداً ومنهم من ينذر نقوداً أو ذبيحة أو شمعاً…
والسلطان يعقوب أحد أشهر ملوك وسلاطين دولة الموحدين التي نشأت على أنقاض دولة المرابطين، إنه أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن ابي محمد عبد المؤمن بن علي القيسي الكوفي، الملقب بالمنصور، الذي حكم بلاد الموحدين وهو في سن الثانية والثلاثين من عمره خمسة عشر عاماً. ولد عام 545 ه وتوفي عام 593 ه وفق ما كتب على اللوحة فوق مدخل المقام في بلدة ” السلطان”. وتقول إحدى الروايات أن السلطان يعقوب ترك ماله وجاهه وساح في الأرض الى أن انتهى به الأمر في بلاد الشرق ودفن في بلدة “السلطان يعقوب” التي أعطاها اسمه في مكان يقال أنه حفره بيده داخل الصخور، وهو مؤلف من مسجد، وغرفته بداخله تحتوي على الضريح.
انعكس الإهمال الرسمي المزمن وغياب الرؤية الحاكمة العملية التنموية من قبل الدولة سلباً على مختلف مرافق وقطاعات ومجتمع “السلطان يعقوب”، وافتقد الأهالي للعمل البلدي ومشاريعه الإنمائية بسبب ما شهدته المنطقة من حرمان وحروب.
اليوم وبعد طول انتظار استعادت البلدة رونقها وحيويتها، بفضل مجلسها البلدي الجديد الذي يترأسه العميد المتقاعد “أحمد حميد الجاروش”. والجاروش حائز على بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بيروت العربية. عمل في الشأن الإجتماعي من خلال ” الجمعية الخيرية الإسلامية” التي كان لها الأثر الطيب في “السلطان يعقوب الفوقا” ولمشاريعها العملية الفائدة الكبيرة والتي ترأسها وأحياها عبر تقديم خدمات إنسانية وخيرية وتنموية متميزة ومستمرة لمجتمعه، إيماناً منه بأهمية العمل الخيري والتطوعي في تحقيق الديمقراطية التشاركية مع أبناء المجتمع المحلي، وفي إرساء الأمن والاستقرار المجتمعي. فقد ساهمت الخدمات التي قدمها لمساعدة ومساندة محيطه في توفير حياة إجتماعية كريمة للمحتاجين وتأمين الاحتياجات الحياتية الضرورية والملحة، وفي ادماج الأفراد للمشاركة في إحداث التنمية والرعاية الشاملة. ونذكرعلى سبيل المثال بعض التقديمات التي منحتها الجمعية: تأمين مولد كهربائي على نفقة المغتربين، إنشاء نادي رياضي(كرة قدم) وتجهيزه بالمستلزمات اللازمة لتحفيز الناشئة في البلدة على ممارسة الرياضة وتنمية قدراتهم الرياضية، تأهيل مسجد البلدة، تحسين وتجميل الساحة العامة، دعم العوائل المحتاجة، إقامة دورات خاصة لطلاب الشهادات الرسمية المتوسطة والثانوية، وتأمين منحاً لطلاب الجامعات.
يوم قرر أحمد الجاروش الترشح للانتخابات البلدية، كان يعي تماماً ما ينتظره، سيما وأنه أعدّ برنامج عمل كامل، وتصوّر شخصي خاص لحاجات البلدة والأولويات. ونظراً لتمرّسه وخبرته في الشأن العام ومعرفته في الأمور الإدارية والقوانين والأنظمة العامة، سار بخطى جريئة وثابتة. ولأن الإرادة صلبة، والإدارة واعية، توفرت الإمكانات لتلبية الحاجات ولتنفيذ المشاريع المتنوعة التي ربما كانت للبعض أحلام بعيدة المنال فإذا بها وقائع وحقائق ماثلة للعيان.
فعلى صعيد الأشغال، قام الجاروش بالتعاون مع أعضاء المجلس البلدي بإنشاء حيطان دعم للطرقات الرئيسية، بهدف الحماية من انزلاقات التربة، دون نسيان الناحية التجميلية التي أضفت على الأحياء قيمة جمالية مميزة. كما أولى اهتماماً كبيراً بالطرقات فعمد الى شق طريق جبلية بطول1000م وتعبيد جزء منها. وطالب وزارة الأشغال بتزفيت طريق أخرى، كذلك، نفّذ معظم الطرقات الداخلية بمسعى من نواب البقاع الغربي وعلى نفقة وزارة الأشغال وتركيب درابزون حديد بطول 300 م للسلامة العامة، وإتمام تنفيذ أقنية تصريف المياه. الى ذلك، قام بصيانة شبكة الإنارة وتمديد شبكة جديدة لطريق رئيسي لمدخل “السلطان يعقوب الفوقا” من ناحية بلدة المنارة بالإضافة الى تركيب لمبات “لاد”. أيضا تم وضع 20 عامود إنارة على الطاقة الشمسية، تقدمة من الاتحاد الأوروبي، وأكثر من 60 عامود كهرباء لمنازل لم تصل اليها الكهرباء في السابق. وفي سياق متصل، تم إنشاء محطة كهرباء خلف المبنى البلدي مع الإمدادات والتجهيزات اللازمة حسب الأصول. وبمسعى أيضاً من رئيس البلدية، قامت مؤسسة مياه البقاع على تغيير مضخة بئر “لوسي” بتوجيهات المدير العام، المهندس مارون مسلّم وبحضور السيد طلال عبدوني، رئيس دائرة البقاع الجنوبي ما أمّن كمية مضاعفة من المياه. وبما أن الهدف الرئيسي لنظام الصرف الصحي هو حماية وتعزيز صحة الإنسان من خلال توفير بيئة نظيفة، جرى إنشاء خطوط جديدة للصرف الصحي بطول 250 م.
أيضا يتم الاهتمام بساحة البلدة من خلال تأهيلها وتجميلها مع ما يتطلب هذا الأمر من ضرورة تركيب عدادات كهرباء وصولاً الى زراعتها بمختلف أنواع الزهور والشتول لما تضفيه من منظرطبيعي وخلاّب.
ولحسن سير العمل البلدي، تم تنفيذ مشروع ترميم المبنى البلدي وتجهيزه بالمكيفات وبوسائل التدفئة. وتجدر الإشارة، أن البلدية لم تغفل عن تفعيل النشاطات الإجتماعية، التربوية والثقافية كإقامة الحفلات التكريمية للمغتربين القادمين من بلاد الإغتراب تكريماً لعطاءتهم وهباتهم في سبيل تقدّم البلدة وازدهارها، تعليم اللغة التركية والبرتغالية، تدريب الطاقم الإداري على كيفية إدارة العمل داخل البلدية بالشكل المطلوب والصحيح.
ويضم جدول أعمال المجلس البلدي سلسلة من المشاريع الإنمائية المتنوعة التي سوف تروي غليل الأهالي بحسب الحاجيات والأولويات الفعلية لها. نذكر منها:
– وضع إشارات سير تحدّ من الحوادث وتجنب الناس خطر القيادة العشوائية. وإشارات أخرى تحدد جغرافية البلدة بالإضافة الى ترقيم الشوارع، إيماناً منه بترسيخ بذور الرؤيه الصالحة والتوجيهية.
– تنفيذ شبكة صرف صحي لأحياء محرومة كلياً منها.
– تأهيل الحديقة العامة وإنشاء ممرات لهواة رياضة المشي، مع وضع مقاعد خاصة للزائرين في مختلف أنحاء الحديقة.
– إنشاء مبنى تابع للبلدية بغية إيجاره والإستفادة من ريعه.
– تأهيل صالة الإحتفالات وتجهيزها بالخدمات المطلوبة لتليق بالبلدة وأبنائها.
– إنشاء معمل فرز وتسبيخ، وإقامة ندوات إرشادية حول عملية فرز النفايات من المصدر.
– تأهيل موقف الآليات التابعة للبلدية .
– إنشاء موقف عام منعاً لركن السيارات على جوانب الطرقات.