على سفوح سلسلة جبال لبنان الغربية، وبين إيعات ودير الأحمر، تربعت قرية بتدعي البقاعية ، مكللة بأشجار اللزاب والسنديان. تغاوت بطبيعتها الجردية الخلابة وبطيب المواسم والجنى.
أظهرت نشاطاً هاماً عبر التاريخ وخاصة في العصر الروماني. تمتد على مساحة 1299 هكتار، وترتفع حوالي 1000م عن سطح البحر.
عشرات من الأثارات الواقعة على الطريق القديمة لليمونة- بتدعي تظهر أهمية هذه المنطقة إذ تنتشر فيها البقايا الأثرية والمعابد والمذابح والطرق الرومانية والمعاصر التي شهدت على تاريخ بتدعي القديم. وكثيرا ما يقال أن” كل الطرق تؤدي الى روما ” وتمثل بتدعي مثالاً على هذا الطريق الذي يصل قرى البقاع من جهة اليمونة مع مدن الساحل من خلال جبال أكورا. وكان نظام طرق الرومان القدامى واحداً من أعظم الإنجازات الهندسية. ففي البداية تم بناء شبكة الطرق الرومانية لتسهيل حركة الجنود في الامبراطورية وقد استخدمت لبناء الطرق المعبدة التي سهلت السفر في كل فصل. أما الخرايب التي تختزنها أيضا البلدة فتقع في أعالي الجبال ويتألف بعضها من مبنى واحد وأحيانا أكثر من واحد.
تمتاز البلدة بمناخها الصحي النظيف البعيد عن التلوث وبمساحاتها الشاسعة المتنوعة بين سهلية وجبلية وبموقعها الاستراتيجي باعتبارها صلة وصل بين مناطق بعلبك- الهرمل ومناطق بشري، البترون، جبيل، طرابلس والكورة. كذلك تشتهر بزراعة الكرمة التي تشكّل العمود الفقري لمزارعي المنطقة لما تلعبه من دور هام في تأمين معيشتهم وتبقى هذه الزراعة الخيار الأمثل لمواجهة مشاكل القطاع الزراعي الذي يتفاقم سنة بعد سنة، خصوصاً مع غياب التوجيه والتخطيط والإرشاد. وكالعادة يكون للحكومات المتعاقبة الدور الأكبر في إهمال هذا القطاع.
تعتبر بتدعي من البلدات التي تعاني منذ عشرات السنين من الحرمان، ربما بسبب فقدان السياسة الإنمائية المتوازنة للدولة، أو ربما بسبب الغياب الأصلي للخطط والمخططات التوجيهية الإنمائية عن المنطقة. فبلدات منطقة دير الأحمر التي تعتبر من بين أجمل البلدات اللبنانية، تفتقد اليوم لمشاريع إنمائية تعيد لأهلها شعور الإنتماء لهذا الوطن.
البنية التحتية المهترئة، المياه المصادرة من إحدى عائلات الجوار، ضآلة فرص العمل، ما هي إلا نماذج قليلة عن إهمال الدولة لتلك المنطقة. وعلى الرغم من إنجاز بعض الأعمال من خلال تعاون البلدية مع بعض الدول المانحة، ما زالت تحتاج الى الكثير من المشاريع للنهوض والاستقرار. فالتنمية هي عنصر أساسي للإستقرار والتطورالإقتصادي والإنساني، وتهدف الى الحفاظ على الموارد الطبيعية والى رقي المجتمعات وتقدّمها بما يتوافق مع احتياجاتها ومتطلباتها، وهذا ما يدركه المحامي جان فخري رئيس بلدية بتدعي، كما يدرك حجم المسؤولية المترتبة على البلدية للمساهمة بواسطة شتى السبل المتاحة في تأمين الاحتياجات التنموية والإنمائية التي تليق بالانسان وتوفر له حياة كريمة. فمما لا شك فيه، أن مسيرة التنمية تنطلق من تحولات ذهنية واجتماعية لدى أفراد المجتمع تكفل برفع المستوى الاجتماعي، الاقتصادي والمعيشي للمواطن.
يشهد أهالي البلدة اليوم على الجهود التي يبذلها فخري والخدمات التي يقدمها لبتدعي خصوصاً ولمنطقة دير الأحمرعموماً، على الرغم من الامكانيات المادية الضئيلة، وتحديات المرحلة المقبلة التي تحدّ من تحقيق التنمية المرجوّة. فالبلدة ترزح تحت عبء المشكلات البيئية، الزراعية والإجتماعية المتفاقمة التي أرخت بثقلها على الواقع المعاش.
وتجدر الإشارة أن لحضور الرئيس الدائم بخدمة الناس الأثر الملحوظ في تحسين وتيرة العمل، وتحقيق الارتياح والطمأنينة لديهم من خلال إشرافه المباشر إداريا وميدانيا، كما ظل مواظبا على مواكبته لمختلف القضايا الحياتية للأهالي دون تمييز بين أحد وآخر.
تعاني المنطقة بشكل عام من المياه المبتذلة الآتية من شبكة الصرف الصحي في مدينة بعلبك والتي تلوث قسماً من السهل الزراعي والمياه الجوفية نتيجة عدم تحديث وتطوير محطة التكرير الواقعة في بلدة إيعات.
كما أن عدم توفر المياه والكلفة العالية للري وانعدام التصنيع الزراعي والافتقار الى الدراسات الشاملة كلها عوامل تؤثر سلباً على القطاع الزراعي. أيضاً كلفة الانتاج المرتفعة بسبب بُعد المسافات، وضعف مصادر الطاقة والحاجة الى المواد الأولية، تُحبط من عزيمة المزارع. الى جانب انعدام البنى التحتية خصوصاً أن عدم تأمين منطقة صناعية مجهزة بأبسط العايير الفنية أدّت الى تهميش عملية التطور في القطاع الصناعي.
من الواضح أن مهمة رئيس البلدية ليست بالأمر السهل، إلا أنه على الرغم من المعوقات والعراقيل التي ذكرناها، تمكّن فخر بعد جهود حثيثة من تحقيق مشاريع عديدة بالتعاون مع الجهات الرسمية المعنية وبعض الهيئات الدولية المانحة.
فعلى صعيد البنى التحتية، تم توسيع طريق مدخل البلدة وتزفيت ساحة الوقف، بالإضافة الى تأهيل طريق بتدعي- بيت مطر- طريق اليمونة بدعم من وزارة الأشغال،. كما تم نقل عواميد الكهرباء وإنارة شوارع البلدة بدعم وزارة الطاقة. وبما أن المياه غير متوفرة نتيجة عدم استغلال الثروة المائية بشكل سليم واعتبارات أخرى، تم مد شبكة الري من البئر لتصل الى كل أحياء البلدة بمساهمة فعالة من جمعية سي دي اي او سي سي. أيضاً تسعى البلدية الى إنارة بتدعي على الطاقة الشمسية بالتعاون مع وزارة الطاقة وتوصيل ال واي فاي للشبكة بتمويل من إحدى الجهات المانحة.
أما على الصعيد الزراعي، فقد تم تأمين تمويل من قبل وزارة الطاقة لتنفيذ أقنية الري وإنشاء بئر ارتوازي وتجهيزه بالمستلزمات الضرورية وتأهيل البرك الزراعية. كذلك تم استحداث طرق زراعية وتأهيل قناة الري بدعم من الريجي، أيضاً وبغية زيادة المساحات الخضراء غرست البلدية عدداً كبيراً من الأشجار المتنوعة على مدخل البلدة، وفي هذا السياق عُقدت العديد من الندوات الزراعية الإرشادية بهدف إرشاد المزارعين صوب أفضل الممارسات والتكنولوجيا الحديثة التي تمكنهم من إنتاج منتجات عالية الجودة وبكلفة منخفضة.
ومن منطلق الحفاظ على البيئة وعلى الصحة العامة، كان لا بد من أن تكون أولى نشاطات المجلس البلدي وضع سياسة للتخلص من النفايات المنزلية فكان قرارها توزيع براميل للنفايات في أنحاء البلدة كافة.
ونظراً للمقومات الطبيعية، الجغرافية والتاريخية التي تتمتع بها بتدعي وما تختزنه من تراث حضاري،يسعى الأستاذ جان فخر الى جعل بلدته على قائمة مناطق الجذب السياحي.
الى ذلك يولي المجلس البلدي إهتماماً بالغاً بإقامة النشاطات الثقافية والمناسبات الإجتماعية التي تهدف الى توطيد الروابط الإنسانية وتوثيقها بين العائلات من خلال إحياء المهرجانات التراثية والدينية التي تعتبر صناعة سياحية متجددة تساهم في التعريف بتراث وتاريخ المنطقة. أيضاً يقوم بتنظيم الإحتفالات والمناسبات السنوية كعيد الأم وعيدي الميلاد ورأس السنة، ولا يغفل عن تكريم الطلاب الناحجين بالإمتحانات الرسمية.
لقد سعى هذا المجلس جاهداً ولا يزال لتنفيذ مشروعاته بحسب الحاجيات الفعلية للبلدة والمضي قدماً نحو التقدم والإزدهار، آخذاً بعين الاعتبار اقتراحات وآراء الكثير من أبناء بتدعي الغيارى على المصلحة العامة.