هي قرية بكل ما للكلمة من معنى، إحدى قرى قضاء راشيا في البقاع. تهنأ مع جاراتها بسكون وهناء. صدى الغربة لا يزال يدوي في حناياها المنسية، والفوّاحة عطراً ومحبة وشوق.
هي موطن الينابيع العذبة، في أرجائها حلاوة من نوع آخر يطيب فيها العيش وتنمو على ألحان طبيعتها أصفى العقول وأذكاها نقاوة.
على ارتفاع 1200 م عن سطح البحر تربض قرية عين عرب وتتعالى متباهية بهوائها ونسيمها العليل، تنتظر عودة أبنائها من غربتهم التي طالت لعقود من الزمن للتلاقي في أحضانها. تبعد عن بيروت حوالي 80 كلم وعن مركز المحافظة زحلة 40 كلم. وعلى مساحة 000،111،11مليون متر مربع يعيش أهلها بوئام بعددهم المقدّر ب 800 مقيم. موقعها الجاذب وقربها من الحدود السورية حوّلها الى ممر ومقر لعشرات الشخصيات السياسية والعسكرية ولتنظيمات حزبية لبنانية وفلسطينية. تحدّها من الشرق، بلدة كفرقوق. من الغرب، بلدة خربة روحا. من الشمال، بلدتي بكّا ومدوخا. ومن الجنوب، بلدة كفردينيس. تشتهر بزراعة الكرز بالإضافة الى الحبوب من قمح وشعير وحمص وعدس، الكرمة وتربية المواشي، هذا فضلاً عن صناعات خفيفة كالزبيب والدبس والعرق والنبيذ.
تمتاز عين عرب ببيوتها القديمة وبقايا طواحينها في أسفل وادٍ يعرف بوادي المطاحن إضافة الى وفرة الينابيع الجارية على مدار السنة إذ أن داخل القرية نبعان هما: الخضر أوعين الفوقا، وعين التحتا، كما يوجد نبع باقة المجرورة مياهه الى القرية وموزّعة على المنازل. تمتلك كنزاً تراثياً أثرياً مهماً تجلّى بمقام الخضر الشريف الذي يأتي في طليعة المعالم الأثرية التاريخية في البلدة، و”القصر” الموجود في آخر تلة في محلة “القصير”. ولا تزال بعض المداميك والحجارة الضخمة باقية فيه، وثمة آثار أخرى موجودة في” قلعة العمود” وفي “تلة ريمان” وفي “قلعة المسبك” وفي محلة ” الوطية” وهناك أيضاً ثلاث مطاحن مائية في وادي المطاحن ومعاصر قديمة لصنع دبس العنب.
رحلة قرية عين عرب مع الهجرة لا تختلف فصولها عن حكاية مئات القرى اللبنانية على مدى القرن والنصف المنصرمين. فهذه الرحلة بدأت سنة 1892 وكانت وجهة المهاجرين الرئيسة الى الولايات المتحدة تفوق الثمانين بالمئة والباقون هاجروا الى المكسيك والأرجنتين وكندا والبرازيل وفنزويلا وكوراساو، وقد وصل عدد المهاجرين الى أكثر من 10000 مهاجر. أبنائها الذين انتشروا في أصقاع الأرض برع منهم العديد في مجالات السياسة والإقتصاد، والأعمال والثقافة. ومن أبرز الشخصيات السياسية التي احتلت مركزاً مرموقاً، هو السفير فيليب حبيب إضافة الى جيمي عبد النور عضو الكونغرس الأميركي، وطبيب العائلة المالكة في هولندا كارول قيصر العسيس.
أما سبب الهجرة فكان إقتصادي بإمتياز. إذ أن الموارد لم تعد كافية لتغطية حاجات الأهالي الذين وجدوا في الهجرة خشبة خلاص لتحصيل الرزق الأوفر والحياة الأيسر.
يترأس مجلس بلدية عين عرب الأستاذ عصام الياس الهادي الذي تولى رئاسة المجلس البلدي لدورتين على التوالي.
تعاطى عصام الهادي الشأن التربوي والإجتماعي والخدماتي، وهو اليوم متفرّغ للعمل البلدي مستثمراً خبرته الحياتية والعملية في خدمة الأهالي الذين تربطهم به صداقات عميقة. يستمع الى مطالب السكان ويعمل جاهداً لتلبية احتياجاتهم بكل تفان وإخلاص، لديه طموحات كبيرة وبرامج إنمائية تحاكي المستقبل، أنجز العديد من المشاريع في إطار ورشة التأهيل والتطوير. فمنذ زمن بعيد وأبناء قرية عين عرب يطمحون لأن تُنَفذ مشاريع حيوية من شقّ وتعبيد وتأهيل طرقات لتحسين حال البنى التحتية وفي الوقت عينه تمكّنهم من بلوغ أراضيهم والإفادة منها واستصلاحها واستثمارها زراعياً وعمرانياً، وبالتالي التواصل مع المناطق المجاورة. ويبدو أن هذا الحلم قد شقّ طريقه الى التنفيذ مع بدء ورش العمل منذ استلام الهادي مهامه بعمليات تأهيل وتعبيد واسعة لبعض طرقات القرية، الى جانب شق طرقات زراعية وإنشاء شبكة حديثة لمياه الشفه مع بناء خزان لتجميع المياه فيه، وقد تم هذا الإنجاز بناءً على سعي وزارة الطاقة مع العلم أن منظمة اليونيسيف قامت بتمويله.
وسعياً الى تعويض الخسائر البيئية، ومنعاً للتصحّر، قام الهادي بتحريج مساحات جرداء عبرغرس 12000 شتلة صنوبر، لما لذلك من تأثيرات إيجابية على الصعيد البيئي. إضافة الى زرع جوانب الطرقات والحدائق بأنواع مختلفة من الشتول والأشجار. وفي السياق البيئي أيضاً، تمكّنت البلدية من إقامة منتزه “نعصة النهر” بموازاة النهر، يخترقه عدد من الممرات يستفيد منها الزائر للتنقل وممارسة رياضة المشي، وقد تضمن ألعاباً للأطفال، ومقاعداً للراحة. يهدف إقامة المشروع الى خلق محطة لتلاقي مغتربي القرية والأهالي المقيمين، كما يعتبروجهة مثالية للعائلات التي ترغب في الاستمتاع بنزهة هادئة والتمتع بمباهج الطبيعة الخضراء المتوّجة بشتى أنواع الأشجار والنباتات على مختلف أشكالها وألوانها. كذلك، وبعد جهود حثيثة من قبل المجلس البلدي وموافقة وزير الإتصالات تم تركيب عامود كهربائي لتقوية إرسال شبكة الإتصالات”ألفا” ما أدّى الى تغذّية القرية والجوار.
وفي إطار مشروع تنمية السياحة الريفية، نظّمت البلدية “مهرجان الكرز” التراثي التقليدي الدائم على مدى يومين، بالتعاون مع المطبخ الريفي وأهالي القرية واتحاد بلديات قلعة الاستقلال بغية تعزيزالتلاقي والتفاعل وإقامة جسر تواصل بين أبناء القرية المقيمين والمغتربين. تخلّل الاحتفال عرض لمنتوجات عين عرب، وقد استكمل المهرجان في اليوم التالي بقداس العنصرة، ثم انطلق المشاركون مشياً على الأقدام باتجاه المطاحن القديمة ونعصة النهر، حيث أقيم غداء بيئي، كما أقيم سباق على الحمير تلاه استعراض غنائي فنّي على آلات العزف التراثية من المجوز والربابة والطبل. ويعمل المجلس البلدي على تنظيم لقاء جامع لمغتربي عين عرب في شتّى البلدان وسيعلن عن موعده لاحقاً بعد إنجاز الإتصالات اللازمة لذلك.
أما النشاطات الإجتماعية والثقافية فكانت في صلب اهتمامات المجلس البلدي الذي أحيا العديد من المناسبات في هذا السياق، كتكريم الطلاب الناجحين في الشهادات الرسمية، تكريم الأمهات في عيدهن، هذا فضلاً عن إقامة الندوات الثقافية والإرشادية حول أهمية الزراعة وكيفية الإستفادة من عملية استصلاح الأراضي التي تساهم في توجيه المزاعين للإستغلال الأمثل لأراضيهم.
هكذا تحرّرت عين عرب من عبء الماضي وأزهرت في أحضانها نهضة تنموية كسرت طوق العزلة بعد سنوات من هجرة أبنائها لبيوتها العتيقة.