بيّنت آخر الدراسات أن العيون قد تكون أفضل نافذة للدماغ، وذلك من خلال حدوث بعض التغيرات على شبكية العين، التي قد تنذر بمرضَي ألزهايمر وباركنسون، حيث يقول الباحثون إن صورة عينيك يمكن أن تقيِّم مخاطر الإصابة بمرض «التنكّس العصبي» في المستقبل، وفق ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست». تحتوي شبكية العين المنبثقة من الدماغ أثناء التطور الجنيني على طبقات من الخلايا العصبية، التي يبدو أنها تعاني من أمراض التنكّس العصبي، جنباً إلى جنب مع باقي الخلايا داخل الجمجمة. وفي السياق ذاته، يؤكد د. رون بيترسن مدير مركز أبحاث مرض ألزهايمر في «مايو كلينيك» أهمية الاكتشاف المبكر قبل إحساس المريض بالعديد من المشكلات في الذاكرة أو الرعشة، وهي المرحلة التي تؤكد أن مرض التنكّس العصبي بدأ على الأرجح منذ سنوات أو عقود. العلامات التحذيرية يمكن أن يؤدي اكتشاف العلامات التحذيرية لمرض التنكّس العصبي في وقت مبكر إلى منح المرضى مزيداً من الوقت للعلاج أو محاولة إجراء ترتيبات تقديم الرعاية، وعلى المدى الطويل، يأمل الباحثون أن تؤدي القدرة على ملاحظة تغيرات الدماغ قبل أن تبدأ الأعراض في النهاية إلى نجاح العلاجات المبكرة في إبطاء أو وقف تقدم باركنسون وألزهايمر، ونظراً لعدم توافر مثل هذا العلاج حالياً، لذلك فالأمل القائم حالياً هو التركيز على أهمية التدخل المبكر لمنع الضعف الإدراكي. تقنيات الكشف يتسبب ألزهايمر وباركنسون في حدوث تغييرات كاسحة في منظر الدماغ قبل حدوث أي تحولات سلوكية، كضمور الأوعية الدموية، وموت الخلايا العصبية قبل الأوان، أو تعطّل زمرة البروتينات الخاطئة التواصل بين الخلايا العصبية الباقية. يمكن للتقنيات الحالية الكشف عن هذه التحولات – بما في ذلك التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني – لتحديد باركنسون وألزهايمر في الدماغ قبل أن تبدأ الأعراض، لكنها مكلفة للاستخدام على نطاق واسع، ما جعل عالمة الأعصاب وأستاذة جراحة الأعصاب مايا كورونيو حموي تعمل هي وفريقها على ابتكار تقنية لتصور اللويحات المرتبطة بألزهايمر في الخلايا العصبية الشبكية للمرضى الأحياء، الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف، بتكلفة تبلغ نحو 285 دولاراً للفحص. طريقة الفحص يقوم الفحص على استخدام بروتين موجود في الكركمين – هو المركب الطبيعي الذي يعطي الكركم لونه ونكهته – حيث يحتوي الكركمين على انجذاب شديد لبيتا الأميلويد، وهو البروتين الذي يشكل لويحات ألزهايمر. وربط العلماء بروتين بين بيتا أميلويد وتقليل الدرجات في الاختبارات الإدراكية وزيادة اللويحات في الدماغ وانخفاض حجم الحُصين، مركز ذاكرة الدماغ. تقنية أخرى روغو فانغ مهندسة طب حيوي تبحث في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة، استخدمت هي وزملاؤها في جامعة فلوريدا كاميرا لالتقاط صور عالية الدقة للأوعية الدموية المجهرية في مؤخرة العين، حيث تعتبر التغييرات التي تطرأ على الأوعية الدموية في الدماغ من أهم سمات ألزهايمر وباركنسون، إذ يساهم الحرمان من الأكسجين في موت الخلايا العصبية المبكرة، وهناك دليل قوي على أن الأوعية الدموية في شبكية العين تعكس هذه التغييرات. وتشير النتائج الأولية إلى أن خوارزميات الكمبيوتر قادرة على استخدام هذه الصور لتمييز مرضى باركنسون بدقة تزيد على %70. مدى صحة الاختبارات لا يمكن اعتبار الفرضيات السابقة مثالية، لأن الأميلويد بيتا يتراكم في الدماغ السليم مع تقدم العمر، ويظل العديد من الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع نسبة الأميلويد بيتا طبيعيين من الناحية الإدراكية، كما اعترفت حموي، وأيضاً أشارت فانغ إلى وجود تغيرات في الأوعية الدموية في عدد لا يحصى من الحالات الأخرى، بما في ذلك اعتلال الشبكية السكري، وهي حالة في الرؤية تحدث عندما يسد ارتفاع السكر في الدم الأوعية الدموية إلى الشبكية. علامات التحذير يقول بيترسن إن تحديد أي من هذه المؤشرات الحيوية في شبكية العين لا يعني أن المريض سيصاب بألزهايمر الكامل أو باركنسون خلال حياته، لكن يجب اعتبار هذه المعلومات علامة تحذير مثل ارتفاع مستويات السكر في الدم، التي تحضّ كلا من الطبيب والمريض على توخّي الحذر من التغييرات الأخرى. إنها أيضاً فرصة للمريض ليكون استباقياً بشأن التدابير الوقائية التي قد تبطئ من تطور الأمراض التنكسية العصبية، مثل التمارين الرياضية والنظام الغذائي المحسن، وهو ما أكدته لورا فولبيتشيلي دالي الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب بجامعة ألاباما، قائلة: «التمارين الرياضية هي الشيء الوحيد الذي رأيته يساعد حقاً مرضى ألزهايمر وباركنسون»، مردفة أنها تأمل أن تجعل المؤشرات الحيوية التي تظهر للمريض مخاطره الشخصية أسباباً لتغيير عاداته بطريقة ملموسة وعاجلة.