بلدة بكا تعكس رؤية القيّمين على إنمائها وتقدّمها

على ارتفاع نحو 1450 م، تربض بلدة بكا على إحدى جبال لبنان الشرقية الاستراتيجية حيث ترتمي بيوتها المنتشرة على سفحها بتدرج بطيء.

بكا الواقعة في قضاء راشيا محافظة البقاع، هي في فصل الشتاء أشبه بالمارد الأشيب المكلل رأسه بالثلج الأبيض الناصع، طبيعتها الجبلية القاسية زاد أهلها صلابة وقوة لمواجهة شتى أنواع التحديات.

 تبعد عن العاصمة بيروت 85 كلم، وعن مركز القضاء زحلة 50 كلم. ويزيد عدد سكانها عن 1800 نسمة، تحدها بلدة ينطا شرقاً. وبلدة عين عرب غرباً. وبلدتي عيتا الفخار ومدوخا شمالاً. وبلدتي كفرقوق ودير العشائر جنوباً. يشكل القطاع الزراعي المورد الرئيسي للأهالي نظراً لتنوع المحاصيل وخصوصاً الحبوب والقمح والشعير والفاكهة والزيتون، إضافة الى تربية الماشية. لكن مع مرور الزمن بدأت الزراعة بالتراجع عندما أصبحت تواجه مشاكل عديدة وأسبابها تعود الى: اعتماد أساليب زراعية غير مناسبة، نضوب المياه الجوفية، تلوث المياه السطحية، التغير المناخي، عدم وجود برامج تدعم المزارع وعدم وجود إمكانية لتصريف المحاصيل الزراعية.  

 من سار في أرجاء بكا لا بد أن ينحرف بقلبه وروحه نحو عقود خلت، فهي تكتنز معالم أثرية لم يبق منها سوى شواهد قليلة، كناية عن آثار رومانية قرب مسجد البلدة وبقايا قرية قديمة في الجهة الشمالية، أي ما يعرف بالخرايب وفي المنطقة الجنوبية في الكنيسة لكنها لا تزال تنبيء بالكثير من حكايات الزمن الغابر وتشرع أبواب الخيال في كتاب مليء بقصص الهجرة والغربة.

هذه البلدة التي صوبت أشرعتها نحو الإغتراب في أصقاع الأرض عرفت كيف تقيم جسور التواصل مع أبنائها الذين لم تغب عن عيون مغتربيها، ولم تنقطع صلاتهم عنها حتى في أحلك الظروف فشيدوا فيها المنازل، يقصدونها ساعة يجذبهم الحنين إليها ولحظة تقسو الغربة عليهم. كما أن هؤلاء المغتربون لم يتوانوا يوماً عن الإسهام في إنمائها ودعم مشاريعها في زمن التقصير والإهمال  قبل أن تصلها مشاريع الدولة اللبنانية بعد العام 2005، إذ ارتبط واقعها المرير بالحرمان من مختلف أوجه الإنماء والخدمات.

يتولى رآسة مجلس بلديتها الأستاذ ياسر سعيد خليل منذ العام 1998 حين بدأ رسم الخطوط العريضة لمسيرة عمل متواصل متخطياً كل العقبات التي اعترضت انطلاقة العملية الإنمائية في أواخر التسعينات، وكان يومذاك أصغر رئيس بلدية في لبنان. فمنذ الدورة الإنتخابية الأولى، وضع برنامج عمل يتوافق وطموحه في تطوير بلدته لتغدو بلدة مكتفية الحاجات على كافة الصعد، وشاء القدر أن يحصد الفوز مجدداً في الدورات التي تتالت ما أتاح له استكمال المشاريع التي بدأها في السابق.

بعد أن وضع أهداف واضحة بالتعاون مع زملائه أعضاء المجلس البلدي، تمكن من تحديد الأولويات التي ساعدت على تقييم وتوظيف الوقت المناسب للأعمال من أجل تحقيق الإنجازات وتعويض النقص الذي عانى منه المحيط طويلاً. وضمن إطار مشاريع البنى التحتية الملحة، تم تنفيذ مشروع الصرف الصحي مع إنشاء برك للحد من العواقب الوخيمة التي تمس حياة المواطنين وصحتهم، وذلك بالتعاون والتنسيق مع جمعية الشبان المسيحية وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية مناصفة مع البلدية.

 كذلك، عمدت البلدية الى ترك بصمات التحديث والتأهيل فجهدت في العمل على تحقيق الأشغال على مختلف أنواعها من إنشاء طرقات داخلية وصلت الى غالبية المنازل وحمايتها وترميم تلك المقتطعة الأوصال. وبناءحيطان دعم في معظم الأحياء دون نسيان إقامة الجدران التجميلية والحجرية التي أضفت على الشوارع قيمة جمالية ملفتة. إضافة الى تعبيد الطريق الرئيسي لبكا والذي يربط قرى ينطا ودير العشائر بالطريق الرئيسي الى راشيا وإنشاء الأرصفة بمساع من الوزير وائل أبو فاعور ونواب المنطقة، بعد أن كانت تلك الطريق تشكل عائقا كبيراً للأهالي في تنقلاتهم وتصريف أعمالهم.

أما على مستوى شبكة المياه ومصادرها، فقد تم إنشاء شبكة جديدة ممولة من الصندوق الكويتي للتنمية مع بناء خزانين وثلاث غرف لينابيع مياه الشفة، وفي هذا السياق تم حفر بئر على نفقة إبن البلدة الدكتور رؤوف حمود، كما أنشأت البلدية غرفة وتصوينة للبئر المنفذ وأمنت له مولداً كهربائياً. أيضاً أُنجز العمل في شبكة الإنارة بشكل كامل وتم تركيب أكثر من ثلاثين عاموداً مع كابلات لعدد من المنازل الحديثة البناء، في حين أن شبكة الهاتف الأرضي مؤمنة للجميع.

وحرصاً على إبقاء البلدة مخضوضرة، وضمن الخطة البيئية المتبعة تم غرس ما يقارب ال35000شجرة حرجية في مشاعات بكا بالتعاون مع اتحاد بلديات قلعة الاستقلال. وفي سياق متصل، تم تنفيذ مشروع الحديقة العامة التي وفرت بيئة آمنة ومكاناً صحياً لكافة الفئات العمرية من أطفال وشباب ومسنين، وتتميز بكونها نقطة تلاقٍ لمختلف شرائح المجتمع بتعددها واختلافها.

كما أن البلدية تسعى الى إنشاء مبنى بلدي حديث يتضمن عدة أقسام منها، قاعة عامة للمناسبات الرسمية ومستوصف. وفي الحقل التربوي قامت بترميم المدرسة الرسمية المتوسطة وتوسيع ملعبها، ولم تغفل عن تقديم المساعدات العينية وتوفيرالدعم اللازم لها.

 لم تترك البلدية شأناً إلا وأعطته أهمية من الإنماء والعمران الى التربية، فكان لا بد من أن تهتم أيضاً بالرياضية التي تؤدي دوراً حيوياً في تنمية قدرات الشباب البدنية وفي تشجيع التسامح والاحترام، ومساهمتها في تمكين الأفراد والمجتمعات، لذا تعمل على إقامة ملعب ميني فوتبول وتجهيزه بكافة المستلزمات الرياضية ما يتيح لشباب البلدة قضاء أوقات ممتعة ومفيدة.