رئيس بلدية بلدية نهر ابراهيم طوني مطر على الدولة اتخاذ قرارات جريئة تتخطى القيادات السياسية لملاحقة الفاسدين لا نية للدولة لتحرير أموال البلديات

في لقاء شامل مع رئيس بلدية نهر ابراهيم الأستاذ طوني مطر، تحاورنا معه حول أسباب تلوث نهر ابراهيم التاريخي وحول الإجراءات التي اتخذتها البلدية للحد من التعديات على الأملاك النهرية،

كما عرض لنا واقع البلديات بدءاً بمسألة استغلال أموالها لمصلحة سد الدين العام وصولاً الى مسألة المحاسبة والمراقبة بالإضافة الى الإنجازات التي تحققت في البلدة على مختلف الصعد ومواضيع متفرقة أخرى، وهنا نص الحوار كاملاً.

س: تعتبر بلدة نهر ابراهيم من البلدات الغنية بالآثار المهمة، لا سيما على ضفتي نهرها الاسطوري الذي يحمل ابعاداً تاريخية.اليوم هذا النهر تعرض للتلوث جراء المياه المبتذلة التي غزته وكمية النفايات الكبيرة التي ترميها المعامل والمصانع الواقعة على ضفافه والمتعدية على الاملاك النهرية. هل اتخذتم خطوات للحد من هذه التعديات وحماية ثروات النهر وبيئته؟

ج: يمتد مجرى نهر ابراهيم حوالي 30 كم من النبع الى المصب، ومحور المجرى بمعظمه هو الحد الفاصل بين قضائي كسروان وجبيل على الضفة الشمالية ولا توجد اي تجمعات سكنية او صناعية او سياحية، بينما على الضفة الجنوبية توجد مصانع، مقاهي ومنتزهات تتوزع في عدة مناطق وتتبع لعدة بلديات، معظم هذه التجمعات ترمي نفاياتها في النهر وبعضها يصرف المياه المبتذلة في مجرى نهر ابراهيم بدءاً من بلدة يحشوش الى بلدة شوان الى بلدة المعيصرة الى بلدة بقاق الدين وبلدة العقيبة وبالتالي تتراكم هذه النفايات على مصب بلدة نهر ابراهيم حيث ينخفض انحدار النهر وتلتصق النفايات على جوانبه، أما القسم الأكبر من النفايات والصرف الصحي فيأتي من المصانع المنتشرة على الضفة الجنوبية في منطقة خرائب نهر ابراهيم التابعة لبلدية العقيبة – كسروان.

تعتبرهذه المصانع متعدية على الاملاك النهرية وترمي رواسبها ونفاياتها في مجرى النهر. كذلك، يتعرض النهر للتلوث جراء المواد النفطية والزيوت التي تطفو على سطح الماء.

اما الخطوات التي اتخذناها فاقتصرت على مراسلات لوزارة البيئة كي تقوم بدورها بالإجراءات القانونية بحق المخالفين، لكن عملياً، لم تبادرالوزارة باتخاذ اي اجراء حتى تاريخه،اما محلياً فهذه التعديات والمخالفات هي خارج نطاق بلدية نهر ابراهيم ولا سلطة لنا عليها مما يجعلنا غير قادرين على ضبطها.

مؤخراً تحركت وزارة الصناعة وارسلت احدى المراقبات، حيث قامت بتحقيق مع جميع المؤسسات والمصانع المنتشرة على ضفة النهر، إنما لم نعلم اذا تم اتخاذ اية اجراءات.  على امل ان تضطلع بمهامها ايضاً وزارتي البيئة والطاقة بصفتهما المرجعين المسؤولين عن الاملاك النهرية.

س: وفي حال لم تتخذ هذه الادارات اية اجراءات بحق المصانع المخالفة ماذا ستفعلون؟

ج: في حال لم تتحرك هذه الادارات، لن يبقى امامنا سوى دق ناقوس الخطر واللجوء الى القضاء بغية الادعاء لدى النيابة العامة البيئية حرصاً منا على السلامة العامة والبيئة.

س: هل من دراسات لتنمية البلدة سياحيا؟

ج: طبعاً، هناك دراسات لتنمية السياحة في بلدة نهر ابراهيم، وقد شملت منطقة وادي نهر ابراهيم التاريخي الذي كان يعرف بنهر أدونيس وعشتروت ومنها مشروع يهدف الى الحفاظ على الارث الثقافي والمواقع الاثرية واطلاق السياحة البيئية في هذا الوادي والمشروع يتضمن تأهيل وترميم وتجهيز المواقع الأثرية والطرق المؤدية اليها وإنشاء مراكز متخصصة في السياحة البيئية  وفي دراسة الحقبات التاريخية ، تجهيز مواقع الصيد النهري ومواقع رياضة التسلق، ومواقع المخيمات ، إنشاء طريق حرجية داخل اقسام الوادي ، وهذا النوع من التنمية البيئية يخلق فرص عمل للمجتمع المحلي …وهناك محادثات مع بلدية كيسلغ الألمانية للمساعدة في تنفيذ هذا المشروع.

س: البلدية مؤسسة إنمائية بامتياز،ماهي التحديات التي تواجه البلديات اليوم؟

ج:يعتبرتنظيم المواردالمالية وإدارتها  من أهم التحديات التي تواجه  البلديات اليوم في ظل تزايد الواجبات الإنمائية والخدماتية. فالموارد المالية هي العصب الرئيسي للمؤسسة البلدية الذي يخولها تحقيق دورها التنموي من خلال إطلاق المشاريع الإنمائية التي تتلاءم مع حاجات المواطنين. ولتأديةهذا الدورالتنموي بشكل فعال،تسعى البلديات الى البحث عن موارد مالية لتغطية مشاريعها. فالبلدية تعتمد بشكل أساسي على جباية الرسوم البلدية التي ينص عليها القانون بطريقة مباشرة، كما تعتمد على الأموال الواردة من السلطة المركزية من خلال الصندوق البلدي المستقل. وهي تسعى الى إنفاق هذه الواردات على مشاريع تقوم بها ضمن النطاق البلدي حسب الأولويات والخطط االتي يضعها المجلس البلدي. وبقدرما تنجح البلديات في زيادة وارداتها وترشيد إنفاقها،بقدر ما تنجح في تحقيق دورها التنموي. مع العلم أن البلديات تعاني اليوم الأمرين لتحصيل حقوقها في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية الصعبة.

س: هل يتم تحويل الاموال العائدة للبلدية من عائدات الصندوق البلدي المستقل بشكل منتظم؟

ج: كلا، الكل يعلم أن الدولة تستخدم جزء كبير من أموال البلديات في تغطية خدمة الدين العام، فمنذ العام 1994، تواصل السلطات حجب الأموال المؤتمنة عليها.وتقدر قيمة أموال الصندوق البلدي المستقل سنوياً حوالي الـ 500 مليار ليرة، يتوجب دفعها في أيلول من كل عام، لكن فعلياً لا تتعدى المبالغ التي توزع على البلديات ال 300 مليار ليرة سنوياً.

ان الدولة تصرف قسماً من هذه الأموال دون حق وقد أساءت الأمانة، والصندوق البلدي موجود في النصوص القانونية وغير موجود فعلياً ولا حساب له في البنك المركزي، وكان قد صرح وزير الداخلية السابق زياد بارود في العام 2008، أن الحكومة خالفت أحكام المادة 87 من المرسوم 118 التي تنص على ان «تودع حاصلات العلاوات المشتركة العائدة لجميع البلديات أمانة في صندوق بلدي مستقل في وزارة الداخلية”.

س: وحول عائدات الخليوي هل تلتزم الدولة بتسديدها للبلديات؟

ج: لقد وعد الوزير خليل أنه سيتم دفع عائدات الخليوي بين الـعامين  1995و 2009و البالغة قيمتها 828 مليار ليرة على دفعتين أو ثلاث لكن حتى تاريخه بقي الوعد كلام في الاعلام، وهذه الأموال أقر بها وزير المال انها دخلت الى الخزينة من دون تدوينها كواردات للبلديات وغياب القيود كان عرضة يومها للمساءلة من قبل لجنة المال والموازنة ،أما ما دفع من أموال الخليوي حتى الآن هوفقط من العام 2010 الى العام  2015.

س: ما الجديد حول اقتطاع أموال البلديات في سبيل جمع النفايات لشركة سوكلين سابقاً والشركة الجديدة؟

ج: لقد خالفت الحكومة النصوص التشريعية، ففي العام 1994 قامت الحكومة دون أي نص تشريعي بتلزيم أعمال جمع النفايات وطمرها لشركة “سوكلين” متعدية بذلك على استقلالية البلديات بفرض الاحتكار،وذلك فقط في بلديات كسروان والمتن وبعبدا وبيروت وبعض قرى ساحل الشوف، فعملت على اقتطاع نسبة 40% من الحصة المفترضة لهذه البلديات من دون تحديد قيمتها، وما زالت تقتطع هذه الأموال لدفعها للشركة الجديدة التي تجمع النفايات.                                            حتى غدت هذه البلديات ضحية للمنافع السياسية و غارقة تحت الديون لـ”سوكلين” وشركائها والتي تبلغ المليارات.

يبدو أن لا نية لدى للدولة في تحرير البلديات من ديونها منذ حكومة السنيورة حتى اليوم، إذ أن كل مرة توظف أموال البلديات في غير مكانها، أما لسد العجز أو لخدمة الدين، ومؤخراً أطلق النائب نعمة فرام مشروع قانون معجل مكرر من أجل تحرير البلديات من الديون إنما لم يتمكن من إقناع النواب بهذا القانون حتى نواب جبل لبنان الذين يمثلون هذه البلديات، باستثناء نواب الكتائب على حد قوله في الحوار المفتوح الذي عقد في أوتيل الحبتور بحضور مئة رئيس بلدية.

نشكر الله ان بلديات قضاء جبيل لم تقبل آنذاك التعاون مع شركة سوكلين بل أخذت على عاتقها نقل ومعالجة نفاياتها.

س: وما هي أدوات الصمود لديكم؟

ج:إن أحد أبرز الأدوارالتي تؤتمن عليها وتضطلع  بها البلديات، الإهتمام بمصالح مواطنيها والعمل على معالجة قضاياهم والإلتزام الشفاف والجاد بتطويرمجتمعاتهم الصغيرة،عبرالمشاريع ا لتنموية التي تدرك حاجات الناس، كذلك العمل على تطويرالعلاقة مع مؤسسات المجتمع الأهلي التي تشكل كياناً مهما من مكونات المجتمع المدني وتساهم بشكل أساسي في التدخل في قضايا مصيرية تهدف الى تلبية حاجات الناس ،وبالتالي تؤدي الى تعزيز الحركة الاقتصادية التي تنعكس إيجاباً لتأمين الموارد المالية من الضرائب المباشرة، والى بناء علاقات للحصول على  الخدمات من الوزارات  وعلاقات مع المتمولين للمشاركة في دعم المشاريع البلدية و بناء شراكات مع جهات مانحة دولية.

س: من الواضح ان البلدية أحدثت نقلة نوعية على المستوى الإنمائي، ما هي المشاريع التي أُنجزت؟

ج: ان المجلس منذ اللحظة الأولى وضع برنامجاً إنمائياً واضحاً وشاملاً، تضمن مشاريع إنمائية وتنموية.

فعلى المستوى الثقافي، تم تطوير عمل المركز الثقافي والمكتبة البلدية العامة، ويتم التعاون معهما في تفعيل رعاية الاطفال وتأهيلهم ثقافياً وصقل مواهبهم، وذلك بالتعاون الدائم مع وزارة الثقافة وجمعية السبيل والمنظمات الدولية. واليوم هناك برامج متجددة لتمكين المرأة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية وكاريتاس لبنان.

أماعلى المستوى التعليمي، فقد واصلت البلدية دعم مركز جامعة “كنام ” نهر ابراهيم التي  سبق أن قامت بإنشائها وبنائها، من أجل تخفيف كلفة التعليم لدى أبناء المنطقة والتي باتت تضم أكثر من ألف طالب. واليوم اضم الى الاختصاصات المعتمدة في الجامعة، اختصاص جديد في الماستر وهو”BIG DATA “. وتجدر الإشارة الى أن هذه الجامعة ساهمت في تنشيط الإقتصاد في محيطها الى جانب تنشيط الحركة التعليمية.

على المستوى الاجتماعي هناك اهتمام بكبار السن فقد تم بدعم من مكتب التعاون الايطالي ونادي الليونزافتتاح نادي نهاري لكبار السن وهو اليوم في طور وضع برنامج لادارة هذا النادي.

وعلى المستوى الصحي، تم  دعم وتعزيز مستوصف البلدية، حيث ارتفع عدد المرضى المستفيدين والمسجلين في المستوصف من 400 عائلة في العام 2016 الى 2400 عائلة في العام 2018  إضافة الى الف عائلة سورية ، وإن دل هذا الوضع على شيء فهو يدل على كبر الضيقة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن .

كما نتابع العمل على المستوى العمراني، إذ تم تنفيذ مشروع شق وتوسيع طرقات، ضمت تمديدات للصرف الصحي وشبكات كهربائية وهاتفية تحت الأرض، مع شبكة لمولدات الإشتراك والدش والإنترنت أيضا تحت الارض. كذلك، تم إنشاء الأرصفة، ومواقف للسيارات بالإضافة الى تغيير شبكات مياه ، وذلك من أجل تفعيل الإستثمارات العقارية والعمرانية .

الى ذلك، وضعت دراسة وتصميم جديد للسوق المعروف بسوق الخضار القديم ليصبح سوقاً تجارياً يضم في اأرجائه بعض المطاعم والإستراحات. واليوم يتم تأهيل وتوسيع الطريق التي تمر في وسطه.

وحرصاً على أمن البلدة، تم بناء مركز للشرطة، وغرفة عمليات تحضيراً لربط كامل البلدة بشبكة كاميرات للمراقبة النهارية والليلية .

أما مشروع توفير مياه الشرب للبلدة، فسوف يكون المشروع المنتظر الأبرز والأهم لهذا العام. إذ قامت البلدية بإنهاء معاملات استملاك لبناء خزان مياه الشرب بعد مفاوضات مع مالك العقار السيد زياد داغر واقناعه بأهمية المشروع، إذ تراجع الأخير عن اعتراضه ورافقني الى حضرة رئيس لجنة الاستملاك البدائية في جبل لبنان حيث وقع موافقاً على المحضر وعلى التعويضات المستحقة له، وأحلنا القرار الى مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان الأستاذ جان جبران، الذي بذل جهوداً حثيثة لدفع قيمة الاستملاكات وتلزيم إنشاء الخزان بعد أن اتخذ القرار بوضع اليد على القسم المستملك. والجدير ذكره،أن العمل في المشروع سيباشر مع بداية شهر آذار.                                                              

أيضاً، تشارك البلدية باستمرار في المؤتمرات الدولية، وتعمل على بناء شراكة مع برشلونة وإحدى البلديات الفرنسية من أجل مشروع ثقافي يخص الشباب.

شاركت في لجنة رؤساء البلديات اللبنانية لوضع نظام عام للشرطة البلدية بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات ومعهد قوى الامن الداخلي كوني عضو منتخب في لجنة رؤساء البلديات اللبنانية ومسؤول في اللجنة المالية التي تدرس تطوير نظام الرسوم البلدية وتعديل بعض مواد قانون البلديات الذي سيتم تقديمه الى لجنة الادارة والعدل في مجلس النواب.

 

س: ان رئيس البلدية هو عصب البلدية وربان السفينة، وهو يتمتع بحرية التصرف، انما ما مدى فعالية الرقابة على البلديات اليوم خاصة أن البلدية هي وجه من وجوه اللامركزية؟

ج: في أنظمة الحكم الديمقراطي يكون للحكم المحلي موقعاَ مهماَ للمساهمة في الحكم المركزي، وان عملية صنع القرار على المستوى المحلي من خلال المشاركة الشعبية هو أحد الوجوه الأساسية للديمقراطية و للإصلاح السياسي والمؤسساتي.

 واللامركزية الإدارية في لبنان تقوم حتى الآن على مستوى البلدية واتـحاد البلديات، التي تتمتع بالشخصية الـمعنوية والاستقلال الـمالي والإداري، وهي بالتالي تشكل نواة الإدارة الـمحلية اللامركزية في لبنان.

وعلى الرغم من هذه الصلاحيات الـمعطاة للمجالس البلدية لـم تتمكن هذه الأخيرة من القيام بالـمهمات الـمنوطة بها،و لم تف بعملية الإنماء المتوازن، وذلك بسبب ضعف مواردها الـمالية، وضعف مؤهلات الـجهاز البشري لديها، والقيود الـموضوعة عليها في إطار الرقابة من قبل السلطة الـمركزية. فالرقابة ضرورية ولكنها إذا ما تـجاوزت حدوداً معينة تصبح عائقًأ أمام تنفيذ قرارات الـمجالس البلدية، وبـخاصة إذا كانت الإدارة الـمركزية تعاني من مشكلة الروتين، كما أن تـجاوز السلطة الـمركزية للصلاحيات الـمعطاة لـها غالباً كسلطة رقابة على المـجالس البلدية يؤثر سلباً على عمل هذه الـمجالس.

لـذلك، لـم تلعب البلديات دوراًعلى صعيد الإنـماء الـمتوازن، وبـخاصة أن السلطة الـمركزية لـم تضع حتى الآن خطة لتحقيق الإنـماء الـمتوازن، سوى بالشعارات السياسية والحملات الانتخابية، على الرغم من أنه أصبح بنداً في الدستور اللبناني، عوضاً عن أنه بنداً في وثيقة الوفاق الوطنـي.

س: الواقع البلدي في لبنان كالواقع السياسي تدخل فيه المحاصصة والفساد والمحسوبية، برأيك، كيف يمكن للمساءلة والمحاسبة ان تتحقق في ظل هذه الاجواء؟

ج: المحسوبية ظاهرة سلوكية أصابت المجتمع اللبناني، فاللبناني يعتبر أن الحزب أو العائلة أو المنظمة أو الطائفة هي المرجع الأهم ،بحيث يقدم إنتماءه إليها على إنتمائه للمجتمع أو للدولة.                     وانتشار المحسوبية يعود الى ضعف الإرادة والنية الصادقة لدى القيادات السياسية لمكافحتها، بسبب انغماسها هي نفسها أو بعض أطرافها في الفساد، كما أن للمحاصصة السياسية دوراً واضحاً في بروز المحسوبية، حيث يتم توظيف كثير من الأشخاص غير المؤهلين، بِناءً على انتماءاتهم الحزبية على حساب المصلحة العامة، والتقصير في تطبيق العقوبات على مَن يخالف ،فالتهاون في تطبيق العقوبة يؤدي حتمًا إلى زيادة معدل الفساد، والى سيطرة العلاقات التي تقوم على الوساطة والمحسوبية واستغلال النفوذ الوظيفي، وأصبح لدى كثير من الشباب تصور أن الشهادة الجامعية لا تؤهل إلى إيجاد فرص عمل جيدة، وأن السبيل إلى ذلك هو المحسوبية فقط، فهذا يُشير إلى حقيقة الإحباط القائم بين الشباب في المجتمع، والشعور بالظلم، مما يدفعه أما للهجرة أو التزلم لهذا الزعيم أو ذاك.

أما من أجل تحقيق المساءلة والمحاسبة ، على الدولة اتخاذ قرارات جريئة تتخطى القيادات السياسية لملاحقة الفاسدين ، ومن جهة أخرى عليها العمل على تغيير الذهنية في الإدارة من خلال التركيزعلى القيم الأخلاقية في مناهج التعليم وخاصة الجامعي منها، وتوعية المجتمع، وتحصينه عبر تعزيز قيم النزاهة، وتعميق الثقة في المؤسسات الحكومية، وعبرتنمية ثقافة رفض ومقاومة المحسوبية والوساطة وتقليل الإجراءات الحكومية وقيودها في الخدمات، وتبسيط الأنظمة، وتحسين أدوات الرقابة والتحكم.