أثار وصف مكتب الفاتيكان بأن زواج المثليين “خطيئة”، جدلا داخل الأوساط الكنسية الكاثوليكية، حيث شكل رافض مباركة الكنيسة الكاثوليكية للزواج بشكل قاطع صدمة لدى البعض، في حين رحب به آخرون.
في رد على سؤال حول إمكانية مباركة الكنيسة الكاثوليكية لزواج المثليين، أصدر الفاتيكان، الاثنين، مرسوما يقضي بعدم جواز ذلك، لأن الرب “لا يستطيع أن يبارك الخطيئة” وفقاً لما جاء في مرسوم وافق عليه البابا فرانسيس.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الكرامة في الولايات المتحدة، ماريان دودي بيرك، إن “عضوية منظمتها تشمل أزواجا من نفس الجنس كانوا معا منذ عقود، مثابرين في حبهم لبعضهم البعض في مواجهة التحيز ورفض الأسرة”.
وأضافت “حقيقة أن كنيستنا في أعلى مستوياتها لا تستطيع التعرف على النعمة في ذلك ولا يمكنها تقديم أي نوع من البركة لهؤلاء الأزواج هي مجرد مأساة”.
واعتبر روس موراي، الذي يشرف على القضايا الدينية لمجموعة “غلاد” المعنية بحقوق مجتمع الميم، أن “تضمين الخطيئة بشكل صريح في هذا البيان يعيدنا إلى نقطة الصفر”.
وأعرب عن استيائه من أن “قدرتنا على عيش حياتنا بشكل كامل وبحرية لا يزال يُنظر إليها على أنها إهانة للكنيسة أو الأسوأ من ذلك، إهانة لله الذي خلقنا ويعرفنا ويحبنا”.
وحذر فرانسيس ديبيرناردو، المدير التنفيذي لـ”نيو وايز مينيستري”، التي تدعو إلى قبول أكبر للمثليين في الكنيسة، أنه “إذا لم يعد الكهنة والأساقفة يشعرون أنهم قادرون على منح هذه البركة، فسوف يتدخل العلمانيون الكاثوليك ويؤدون طقوسهم الخاصة”، مضيفا أنه “خرج معجون الأسنان من الأنبوب ولا يمكن إعادته إلى الداخل”.
وقال القس بريان ماسينجيل، وهو كاهن كاثوليكي مثلي الجنس وأستاذ اللاهوت والأخلاق الاجتماعية في جامعة فوردهام، إن القساوسة الذين يرغبون في الانخراط في التوعية الرعوية لمجتمع المثليين والمثليات “سيستمرون في القيام بذلك، باستثناء أنه سيكون كذلك تحت الطاولة. أكثر مما كان عليه من قبل”.
وقال: “يولد كل إنسان بهذه الرغبة الفطرية في الحب.. بالنسبة لأولئك الذين يتوجهون نحو أفراد من نفس الجنس … أن يوصفوا بأنهم خاطئون بطبيعتهم أو بالفطرة دون أي مؤهل، فهذا أمر ساحق”.
أما القس جيمس مارتن، وهو كاهن آخر يدافع عن مزيد من دمج مثليي الجنس في الكنيسة الكاثوليكية، في منشور على تويتر إنه تلقى عشرات الرسائل من أفراد مجتمع الميم، الاثنين، عبروا فيها عن إحباطهم من إعلان الفاتيكان، لكنه حثهم على عدم اليأس.
وتنص عقيدة الفاتيكان على أن المثليين والمثليات يجب أن يعاملوا بكرامة واحترام، لكن زواجهم من بعضهم تعتبر “خطيئة”.
وترى أستاذة الدراسات الدينية، ناتاليا إمبيراتوري، أن “هذه التعاليم مجتمعة تشكل إشكالية، وتحير الذهن حيث أنها تعتبر أن أفراد مجتمع الميم قد “خلقوا على صورة الرب، لكن زواجهم خطيئة، ما يدعو إلى التساؤل، إن كانوا قد خلقوا على صورة الرب باستثناء قلوبهم؟”.
في المقابل، رحب بعض المحافظين في الكنيسة بإعلان الفاتيكان، مثل بيل دونوهيو، وهو رئيس الرابطة الكاثوليكية والتي مقرها في نيويورك.
وقال دونوهيو: “لن يكون هناك اعتراف بالعلاقات المثلية أو الزواج من قبل الكنيسة الكاثوليكية. إنه غير قابل للتفاوض”.
واعتبر دونوهيو أن البابا فرانسيس “تعرض لضغوط كبيرة من قبل نشطاء مثليين داخل الكنيسة وخارجها، لإعطاء الضوء الأخضر لزواج المثليين”، واصفا بيان، الاثنين، بأنه “الرفض الأكثر حسماً لتلك الجهود على الإطلاق”.
وفي أكتوبر الماضي، دافع البابا فرنسيس عن حق الأزواج المثليين في العيش ضمن “اتحاد مدني” يحميهم قانوناً، ووصفهم بأنهم “أبناء الرب”.
وأعلن البابا الأرجنتيني في فيلم وثائقي عن حياته عُرض في مهرجان روما السينمائي أن “المثليين جنسياً لهم الحق في أن يعيشوا في أسرة. إنهم أبناء الرب ولهم الحق في تكوين عائلة”.
وأظهر البابا موقفا منفتحا تجاه المثليين جنسياً، مؤكداً أنه ينبغي الترحيب بهم باحترام في الكنائس الكاثوليكية ونصح أهاليهم بألا يرفضوهم. ومع ذلك، فهو لا يزال يعارض بشدة “زواجهم”.
وقال البابا فرنسيس في كتاب تضمن مقابلات أعده عالم الاجتماع الفرنسي، دومينيك ولتون، ونشر في 2017: “دعنا نطرح الأمور كما هي: الزواج هو بين رجل وامرأة. هذا هو المصطلح الدقيق. دعونا نسمي الاتحاد بين شخصين من الجنس نفسه اتحاداً مدنياً”.
وقال إن “الزواج كلمة تاريخية. لقد عرفته الإنسانية منذ الأزل، وليس فقط في الكنيسة، إنه بين رجل وامرأة. لا يمكننا تغييره بهذه الطريقة”.