في دراسة قام بها آرثر سي بروكس عالم الاجتماعيات المُحاضر الحالي في كلية هارفارد للأعمال عام 2007 بعنوان «العطاء يجعلك أكثر ثراء»، كان مفادها أن إعطاء المال يزيد بالفعل من مستوى الدخل.
الدراسة شملت 30 ألف شخص من 40 مجتمعا مختلفا حول الولايات المتحدة، آخذا في الاعتبار الاختلافات في مستويات التعليم والأعمار والأعراق والأديان والسمات الشخصية. وجدت الدراسة مؤشرات مهمة وواضحة على أن الأشخاص المواظبين على عطاء المال للأغراض الخيرية Charity، يصنعون مالا أكثر بشكل لافت عن هؤلاء الذين لا يدفعون للأعمال الخيرية. وكان أهم ما خلصت إليه الدراسة، أن العلاقة بين مستوى الثروة والعطاء لا تسير في اتجاه واحد «كلما ازداد ثراء الشخص زاد عطاؤه الخيري»، وهو الاتجاه البديهي، وإنما أيضا تسير في الاتجاه العكسي «كلما ازداد العطاء الخيري للشخص زاد ثراؤه».
لم يقتصر الأمر على زيادة الثروة، اكتشفت الدراسة أن العطاء يرفع من مستوى السعادة والصحة، وهذا يعطي المزيد من رخاء العيش.
لماذا يتبرع المليارديرات؟
بخلاف الجانب الإنساني، من الأسباب أن بعض الحكومات تفرض ضرائب تصل الى %50 من دخل الأفراد، يضطر بعض المليارديرات إلى تأسيس جمعية خيرية ينقل إليها حصة من أسهم شركاته تصل أحياناً إلى %99 من ثروته، فالجمعيات الخيرية لا تفرض عليها الضرائب.
أيضاً، من أجل تحسين السمعة الاجتماعية والإعلامية يقوم البعض بالتبرع، كما فعل جيف بيزوس بعد حملة إعلامية شرسة تتهم بيزوس بسوء المعاملة لعمال مستودعات أمازون، الذين قاموا بتنصيب مقصلة إعدام أمام منزله، أيضاً تعرض لانتقاد لاذع بسبب عدم توقيعه على «تعهد العطاء» الذي التزم بموجبه عدد من أكثر مليارديرات العالم ثراء بالتبرع بنصف ثرواتهم أثناء حياتهم لمصلحة الأعمال الخيرية، لهذا قام بيزوس بتخصيص 10 مليارات دولار للمساعدة في جهود مكافحة التغير المناخي، تمثل %8 من ثروته.
وحسب دراسة قام بها مجموعة من الباحثين في فانكوفر بكندا شملت 474 شخصا، تقول إن هناك قابلية للتبرع بأكثر من 100 دولار لمن يملك دخلا سنويا 90 ألف دولار وأكثر، والعكس لمن يملك دخلا سنوي 40 ألف دولار وأقل.
تعهد العطاء
في عام 2010 أعلن الملياردير الأميركي وارن بافيت وبيل غيتس، مبادرة باسم «تعهد العطاء» تدعو الأفراد والأزواج الأكثر ثراءً في العالم للتبرع بنصف ثرواتهم أثناء حياتهم لمصلحة الأعمال الخيرية ومعالجة مشكلات المجتمع الأكثر إلحاحاً.
وصل إجماليّ عدد الموقعين على هذه المبادرة 216 شخصاً دفعوا أكثر من 800 مليار دولار حتى الآن، تتراوح أعمارهم بين 35 و97 عاماً من 24 دولة مختلفة، و52 منهم من خارج الولايات المتحدة الأميركية، علما بأن تعهدات التبرع بالأموال تعهد غير إلزامي، ما يعني أنّ المنظمة لا تستطيع إجبار الموقعين على التبرّع بثرواتهم، إذ يصف المؤسسون التعهد بأنه «التزام أخلاقي».
3 متبرعين ثرواتهم تتضاعف
تعهد بيل غيتس وزوجته ميليندا بالتبرع بمعظم ثرواتهما من خلال جمعية «بيل وميليندا غيتس» الخيرية التي قاما بتأسيسها، ورغم تبرعه بمبالغ تتجاوز 40 مليار دولار فان بيل غيتس تضاعفت ثروته لتصل لـ126 مليار دولار.
وارن بافيت، تبرع بمبالغ تجاوزت 34 مليار دولار، ومع ذلك ثروته تجاوزت الـ100 مليار دولار ليحل في المركز الخامس كأغنى أغنياء الأرض.
مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك، أعلن عن تبرع بنسبة %99 من اسهمه في شركة فيسبوك باسم «مبادرة تشان زوكربيرغ» التي تصل قيمتها لـ45 مليار دولار، تبلغ ثروته الحالية أكثر من 110 مليارات دولار ويقع في المركز الثالث كأغنى رجل في العالم.
القبس