بلدية حزرتا البقاعية نموذج رائد في العمل التنموي
إنها دار العز، أرض التحدي والشموخ، العصية على الأزمات، الأبية في وجه الصعاب، هي بلدة تحكي عن ذاتها بذاتها.
على سفح جبل صنين وعلى ارتفاع 1400 م تتربع بلدة حزرتا، محتلة بذلك موقعاً استراتيجياً بين أترابها من بلدات منطقة البقاع الأوسط، وهبها الله نعماً بطبيعتها الجميلة وبيئتها السليمة، يتفرد أهلها بأواصر اجتماعية ذات امتداد إنساني وتاريخي، تربوا معاً وحلموا معاً وسعوا وراء الرزق الحلال معاً، شكلت عائلاتها نسيجاً اجتماعياً منسجماً، ولعل تعلقهم بأرضهم وجذورهم رغم قساوة العيش فيها رسخ في نفوسهم معنى البقاء والمحبة. فالفرق بين أن تتمسك ببلدتك وبتراب يضم رفات آبائك وأجدادك، أو أن تُهمل هذه البلدة وتُسقطها من قلبك قبل أن تتركها للأقدار، يتمثل بكلمة واحدة هي “الوفاء”. ولحزرتا تاريخ بارز في ساحات الكرامة والنضال، فمنذ فجر التاريخ وهي لا تبخل بعطاءاتها على الصعد كافة، مجاهدون، شهداء، مثقفون، رجال علم، أرسوا أبعاد الفخر والكفاح.
اشتهرت البلدة عبر التاريخ بزراعة التوت وتربية دود القز، وكان حريرها سلعة رائجة ومطلوبة في لبنان وبلدان الجوار. بينما اليوم باتت تشتهر بكروم العنب وبساتين الأشجار المثمرة لا سيما التفاح، والكرز والدراق. أوصالها وفرة مائية من عيون وينابيع أطلقت خضرة حقولها وغلال تربتها. أما بشأن التسمية فقد جاء أن كلمة “حزرتا” هي لفظة آرامية، تعني التلة كما كانت منذ حوالي القرن تابعة إدارياً للمتن الأعلى. تضم حزرتا بعض المؤسسات التربوية، كالجامعة اليسوعية، مدرسة رسمية ومعهد فني. والجدير ذكره، أن البلدية تقوم بدعمها بشكل دوري.
تبعد البلدة عن زحلة 6 كلم وعن بيروت 50كلم. تبلغ مساحتها حوالي7كيلومتر مربع. وتنضوي على 12000 نسمة، وتسع عائلات من المسلمين الشيعة، أبرزها: آل أبو حمدان، آل أحمد،آل دياب، آل شلهوب، آل شومان، آل شمس، آل أبو عباس، آل موسى، آل عواضة، آل شبلي.
يمكن الوصول إليها، عن طريق زحلة- وادي العرايش- قاع الريم- حزرتا، أو عن طريق بيروت- بكفيا – ضهور الشوير- عينطورة- مجدل ترشيش- حزرتا.
لسنوات عديدة استشرى الإهمال في حزرتا، وعانت من الحرمان والتهميش وغياب أبسط مقومات العيش، وبقيت تبحث عن فسحة أمل في مجاهلها وتخومها حيث لا عين وزير رأت ولا أذن مسؤول سمعت صابرةً على الظلم الذي طالها في صميم بنيتها. إلا أن هذا الواقع المرير لم يحبط عزيمة أهلها وتطلعهم الدائم نحو العيش فيها على الرغم من فقدان الحوافز التي تدفعهم للإقامة فيها.
فالإهمال الرسمي المزمن وغياب الرؤية الصائبة للعمل التنموي من قبل الدولة، انعكس سلباً على مختلف قطاعات البلدة، إذ أن الأهالي افتقدوا طويلاً الإنجازات الإنمائية والخدماتية كمصدر حيوي للإنماء. اليوم، ومع ترأس الدكتور حسين أبو حمدان المجلس البلدي شهدت حزرتا نقلة نوعية على مستوى ضخ المشاريع الكبرى التي أرخت بظلها على البلدة فائدة ورونقاً وسحراً من تنفيذ مشاريع عمرانية وأنشطة ضرورية، على الرغم من الإمكانات المادية الضعيفة المتاحة. وقد عاهد أبو حمدان نفسه منذ اليوم الأول من توليه شؤون البلدية، بأن يقدم الغالي والنفيس في سبيل بلدته وازالة الستار عن جمالها الذي تغطى بأنقاض البؤس والحرمان وبأن تكون الأفعال وليس الأقوال شاهدة على وعوده بالإنتقال بالبلدة الى بلدة مواكبة للتطور والحضارة. لذاعمل بما يقتضيه الواجب ويفرضه الضمير، بجهد خلاق وعمل دؤوب، وسهر على مصالح أبناء بلدته ساعياً لتحقيق متطلباتهم الإنمائية والبيئية والصحية والاجتماعية. فنجح بالتعاون مع أعضاء المجلس البلدي الذين عملوا معه بكل إخلاص وتجانس بتوفير حاجات الأهالي دون تفرقة أو تمييز ورفع الغبن عنهم، الى جانب إنجاز مشاريع مختلفة، وتأمين مستلزمات الحياة التي هي حاجة ملحة للمحيط .
وبعون الله تعالى، تمكن أبو حمدان من وضع خطة عمل تعكس أهدافه وتطلعاته ومبنية على أسس واضحة وسليمة تؤمن مشاريع حيوية تروي غليل البلدة بحسب الحاجيات الأولية الفعلية. فبادرالى توفير المياه لكل الوحدات السكنية التي كانت محرومة من هذا العنصر الرئيسي للحياة والتي كانت تعاني من أزمة خانقة، رغم وجود أربعة ينابيع في البلدة من خلال جرالمياه على مسافة 3000 متر الى كل المنازل، عبر شبكة مياه حديثة، ويعتبر هذا المشروع من الإنجازات الضخمة التي انتظرها الأهالي طويلاً، وتم تنفيذه بالتعاون مع مؤسسة مياه البقاع.
وحرصاً على تسهيل التواصل بين الأهالي، قام بتزفيت الطريق المهمشة التي تربط حزرتا بقاع الريم(عرض 14م، طول 3000م) بمواصفات فنية عالية بعد أن شهدت إهمالاً متراكما لسنوات، ولم يكن تنفيذها ميسراً لولا المساعي والجهود الحثيثة التي بذلها حزب الله المعني المباشربإنجازها. الى جانب تزفيت الطرقات الفرعية والزراعية.
ومن أجل ضمان سلامة حركة المرور على الطرقات، لا سيما تلك الملتصقة بمرتفعات ترابية أو صخرية، تم إقامة حيطان دعم في كافة أرجاء البلدة، إضافة الى شق العديد من الأقنية الشتوية مع ضمان صيانتها على مدار السنة. الى ذلك، يقوم أبو حمدان بدعم لجان الأوقاف وتجهيز جبانة حزرتا، والعمل جارٍعلى استكمال مبنى جديد للبلدية يضم قاعات للمحاضرات ومركزاً للدفاع المدني ومستوصفاً لتلبية الخدمات الصحية على أنواعها للأهالي. وسيخصص مركزاً خاصاً لعيادة الأسنان.
وبهدف زيادة المساحات الخضراء، والحد من التصحر، قام بغرس عدد كبير من الأشجار المتنوعة. وبعد أن كانت تعاني البلدة من مشكلة الصرف الصحي التي تسببت بتلوث بيئي وضرر على الصحة ، قام بمد شبكة حديثة ما زال يجري العمل فيها.
في ما يتعلق بالاتصالات، تم حديثاً مد شبكة الياف ضوئية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وأوجيرو، هدفها تسريع شبكة الانترنيت. كما تم تحديث الإنارة من خلال اعتماد إنارة الاد المعروفة بتوفيرها للكهرباء. ومن الناحية البيئية جرى إزالة مكب نفايات البلدة من خلال الحصول على آلية لضغط النفايات كهبة من ال يو ان دي بي ونقلها لمكب زحلة، بعد وضع الأسس والخطط الهندسية والدراسات الفنية المستفيضة، علماً أن هذا المكب يعود تاريخه الى ما قبل إنشا البلدية، وهذا الإنجاز ساهم في حماية التربة والمياه الجوفية من خطر التلوث الناتج من ترسبات هذه النفايات. وفي السياق عينه، تم توقيع عدة اتفاقيات لإزالة آثار المكب والقيام بتشجيره حفاظاً على المنظر الطبيعي العام.
ولجعل الشوارع خالية من وجود السيارات على جانبي الطريق، تم بناء مواقف، ما أدى الى تقليص الازدحام وانخفاض الأضرار السلبية الناجمة عن مشاكل يومية بسبب البحث عن أماكن لركن السيارات. كذلك، تعمل البلدية على تحسين المخطط التوجيهي للبلدة من خلال زيادة استثمار البناء. أيضاً لم يغفل رئيس البلدية عن هموم الشباب، فأولى اهتماماً بهم وسعى لتنمية قدراتهم البدنية من خلال إقامة ملعب كرة قدم مغلق، وتجهيزه بكافة المستلزمات الرياضية ما أتاح لهم مجالاً لممارسة هوايتهم وتمضية أوقات مفيدة، كما يقوم بدعم الجمعيات الكشفية باستمرار.
أما على صعيد النظافة، تقوم البلدية بأعمال تنظيف الطرقات وجمع النفايات يومياً للحفاظ على العيش في محيط صحي وسليم.
وعلى الصعيد الصحي، سيتم إنشاء مستوصف شبه مستشفى مع عيادات لعلاج الحالات الطارئة.
كل هذه الانجازات لم تكن لتتحقق لولا انسجام وتعاضد أعضاء المجلس البلدي الذين ساهموا متحدين في إرساء الإزدهار والتطور.
وما حققه المجلس البلدي، وما كان حلما أصبح حقيقة وواقعا ملموسا بتعاون ومساعدة حزب الله الراعي الأول لكل إنماء والذي بفضله باتت حزرتا البقاعية بلدة نموذجية تتمتع باكتفاء إنمائي ذاتي. وإن حزرتا، وما أصبحت عليه اليوم ما زالت بحاجة لجهود أبنائها الأبرار كل من موقعه في سبيل الإبقاء على تقدمها وعمرانها والأخذ بيدها للسير قدماً.