إنفراجٌ في توزيع البنزين يوم الإثنين.. والأزمة طويلة الأمد

كتب خضر حسان في “المدن”: 

انحسرت طوابير السيارات أمام محطات الوقود بالتوازي مع بدء شهر رمضان، لتعود بقوّة إلى الواجهة مع اقتراب نهايته، فيما يؤكّد أقطاب قطاع المحروقات أن الانفراج آتٍ بعد عيد الفطر.

حطّ العيد رحاله، فارتفعت الأصوات المؤكّدة توفّر البنزين بدءاً من يوم الاثنين 17 أيار. فهل يصبح هذا الموعد خط الوصول لسباق تأمين البنزين، أم أنه انتهاءٌ لمرحلة تليها مراحل أخرى، ربما تكون أصعب؟

 

الشركات ستوزّع

أفرجت الشركات المستوردة للمحروقات، عن كميات كبيرة من البنزين وصلت إلى المحطات. ومن المنتظر تراجع حدّة طوابير السيارات. وهذا ما يؤكّده ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، الذي حصل على تأكيد من المستوردين باستئناف التسليم يوم الإثنين “قدر المستطاع”، وفق ما يقوله لـ”المدن”.

وصول البواخر المحمّلة بالمحروقات هو الدافع وراء التسليم، لكن “البضاعة الموجودة محدودة، وبيعها للمواطنين يتم بحسب الكميات المتوفّرة وليس بحسب الرغبة”. ولتأمين وصولها إلى أكبر قدر من المواطنين، يؤيّد أبو شقرا القرارات التي تمنع تعبئة الغالونات إلاّ في حال التثبّت من استعمال تلك الكميات لمولدات الكهرباء الصغيرة في المنازل أو لبعض الآلات والأدوات، كالأدوات الزراعية اليدوية على سبيل المثال، والتي لا يمكن السير بها إلى المحطات أو وضعها داخل السيارات.

تفادي تعبئة الغالونات يقوِّض فرص التخزين. لكن لدى الكثير من المواطنين أساليب التفافية لتخزين البنزين. إذ يلجأ البعض إلى مَلء خزان السيارة كاملاً من محطّة أو أكثر، بحسب قدرة الخزان على الاستيعاب، وتفريغه في غالونات، والتوجّه مجدداً نحو المحطات. وهي خطة تتطلّب وقتاً بفعل الانتظار في الطوابير، لكنّها تؤمّن البنزين وتُبدِّد الخوف من الانقطاع.

أبعد من شهر

تسليم المحروقات مطلع الأسبوع، لا يُنهي حالة التقنين التي يشير أبو شقرا إلى أنها ستمتد “لأكثر من شهر”. وتحاشى ممثّل موزعي المحروقات تحديد فترة زمنية لاستمرار التقنين، إلاّ أنه يربط الحل بـ”توفير الدولار”. والعملة الخضراء غير متوفّرة بكميات تتيح تخفيف الطلب وخفض الأسعار، وهذا ما يؤّشر لاستمرار التقنين لوقت أطول. ومع ذلك، يوضح أبو شقرا أن ما يجري هو “تقنين وليس أزمة بنزين. وما الحديث عن أزمة، سوى تهويل سبَّبَه الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات، وهو أمر لم يحصل ولن يحصل بشكل مفاجئ”.

أزمة ثقة

يحصر أركان القطاع مُسبِّبات التقنين أو الأزمة، بشحّ الدولار. فيما تعزِّز أحوال البلاد وانتفاء الدور الرقابي للدولة، عامِل غياب الثقة، والذي يضغط باتجاه تعقيد الأمور. وتلعب الشركات المستوردة للمحروقات دوراً في تعزيز اللاثقة لدى المواطن، عبر لجوئها لتقنين أو وقف التسليم كلّما دعت حاجتها لذلك، متجاهلة حاجة المواطن وحاجة السوق الذي يتأثر بأصغر إشاعة أو أقل تحرُّك سلبي، وهو ما فعلته بعض الشركات، وعلى رأسها شركتان تسيطران على استيراد نحو نصف كمية المحروقات التي تحتاجها السوق.

يوم الاثنين المقبل هو يوم إعلان نتائج امتحان الوعود، فإما أن يكون فاتحةً للتخفيف الجزئي للضغط على المحطات والمواطنين، وإما أن يكون فقّاعة لا تُسمِع صوتاً، وحينها سيزداد الخوف وتمتدّ الطوابير لمسافات أطول.

العزوف الراهن عن توصيف الواقع بـ”الأزمة”، والاكتفاء بحصره بالتقنين، لن يستمر طويلاً. فارتباط ملف المحروقات بالدولار، يعني فتح المجال أمام احتمالات كثيرة في المستقبل القريب. وموضوع الدولار لا ينفصل عن المناخ السياسي الملبَّد بالغيوم السوداء. وجَمعُ المعطيات وإلصاقها في مكانها الصحيح، يُنذر بطول أمد تقنين توزيع المحروقات، وصولاً لتحويل التقنين إلى أزمة طويلة الأمد.