د. شادي مسعد
بعد هبات ساخنة وهبات باردة، اختتم الاسبوع الحكومي على تضاؤل الآمال في امكانية حصول أي خرق قد يؤدّي الى تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري. وحسم امين عام حزب الله الالتباس في شأن موقف الحزب حيال مبادرة الرئيس نبيه بري، مؤكداً الاستمرار بدعمها على أساس انها الحل الوحيد المُتاح حالياً.
على المستوى الحياتي، تواصل مشهد الانهيار بالتظهُّر اكثر فأكثر، وسُجل وقف الدعم عن المواد الغذائية، مقابل بقاء مشكلة فواتير المستوردين عالقة في مصرف لبنان. في المقابل، تم الاتفاق على الاستمرار في دعم المحروقات على سعر صرف 3900 ليرة بدلا من الـ1500. وسيؤدي ذلك الى ارتفاع سعر صفيحة البنزين الى ما يوازي 75 أو 80 الف ليرة. في الموازاة، تحرّك الشارع مجددا احتجاجا على رفع الدعم، واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وتجاوزه عتبة الـ16 الف ليرة. ولم يساهم اقرار البطاقة التمويلية في اللجان المشتركة في تخفيف نقمة الناس.
في غضون ذلك، بدأت الاحزاب والقوى السياسية تتحضّر للانتخابات النيابية على اساس انها حاصلة لا محالة. وبوشرت عمليات تحريك الماكينات الانتخابية، مع ما يستتبع ذلك من احتمالات التصعيد الكلامي في المرحلة المقبلة.
الوضع الحكومي
على مستوى الجهود المبذولة لتحريك ملف تشكيل الحكومة، لم يطرأ اي جديد يذكر على مستوى النتائج، ولو ان الاسبوع شهد تحركات كان ابرزها اللقاء الذي جمع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، بعد النداء الذي وجهه باسيل الى امين عام حزب الله ليكون حكماً في الخلاف مع الرئيس نبيه بري في شأن مبادرته لتشكيل الحكومة.
وأفادت المعلومات ان صفا كان متفهما لهواجس باسيل والثقة التي وضعها بالأمين العام لحزب الله، لكنه في المقابل أبلغه تمسك نصرالله بمبادرة الرئيس نبيه بري باعتبارها الوحيدة التي يقبل بها كل الأطراف، بالرغم من أنها تمنح رئيس الجمهورية ميشال عون حرية اختيار معظم الوزراء المسيحيين، ومن الضروري ان يُسمح للرئيس المكلف سعد الحريري تسمية وزيرين مسيحيين، وأن حزب الله لا يرى مشكلة في أن يسمي الحريري الوزيرين المذكورين، فهذا من حقه كونه رئيسا مكلفا والا ما قيمة الاستشارات النيابية الملزمة التي سمّت الحريري وما قيمة الاستشارات غير الملزمة التي أجراها الحريري في مجلس النواب، فمن غير المقبول ان تتحول الحكومة الى «مجلس ملّة» وتسمي كل طائفة وزرائها.
المعلومات نفسها نقلت عن باسيل قبوله بهذه النقطة، لكنه لم يعط جواباً لجهة تغيير موقفه الرافض للتصويت على الثقة، وأكثر من ذلك فإن صفا أبلغ باسيل أن تسمية رئيس الجمهورية للوزيرين المذكورين هو الثلث المعطل بحد ذاته وهو ما يخشاه الحريري. وطلب منه في مقابل تخلي الحريري عن 18 وزيراً ان يتخلى باسيل عن الثلث المعطل لتسهيل تشكيل الحكومة، وإلا ستبقى الأزمة تراوح مكانها، والحريري لن يعتذر بعد دخول بري على خط عدم السماح له بذلك.
وبعد كلمة نصر الله التي اعلن فيها استمرار دعمه لمبادرة بري، لكنه وعد باجراء محاولات لتلبية نداء باسيل في ايجاد مخرج، سادت قناعة بأن كلّ كلام عن احتمال تشكيل الحكومة سواء في المدى المنظور او في المدى البعيد، صار فارغاً من اي محتوى جدّي، بل بلا أي معنى، في ظلّ «قرار حاسم ونهائي» من القابضين عليها بعدم تأليفها.
بدوره، اكّد بري في حديث صحافي انّ مبادرته قائمة، ولا سبيل غيرها لإخراج لبنان من ازمته، وبالتالي هو ليس في وارد التراجع عنها تحت اي ظرف.
واشار بري الى انّه يتراجع عن مبادرته في حالة وحيدة، «وهي ان تحضر مبادرة افضل منها بديلة عنها، تكون مقنعة للجميع ولي ايضاً، وتحقق الغاية المنشودة بتشكيل حكومة اصلاح وانقاذ، من اختصاصيين لا سياسيين وبلا ثلث معطّل لأي طرف».
وشدّد بري على ضرورة الاستفادة من فرصة المبادرة والذهاب فوراً الى تشكيل حكومة، تبدأ في اتخاذ ما يلزم لمعالجة الأزمة. وكلما جرى التعجيل بتشكيل حكومة نعجّل بمعالجة الأزمة، وقال: «ازمة لبنان صعبة جداً، ولكن يجب ان نؤكّد في المقابل انّه وضع ليس ميؤوساً منه ويمكن ان نعالجه. فلبنان ليس مفلساً، بل هو يملك امكانات وأملاكاً وقدرات هائلة في البر والبحر، من شأنها لو احسن استخدامها ان تُخرج لبنان من ازمته في فترة قياسية. لكن المهم اولاً تشكيل حكومة لتبدأ العمل».
ومع انحسار أفق تشكيل حكومة جديدة، انصرفت القوى والاحزاب السياسية الى الاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة. وفيما تحدثت معلومات عن محاولات لادخال تعديلات على القانون الحالي، تبين ان استطلاعات الرأي ناشطة في محاولة لجس نبض الشارع، ومعرفة توجهات الناخبين. وتتحدث المعلومات ان نتائج الاستطلاعات تشي باحتمال حصول مفاجآت من العيار الثقيل على مستوى تغيير المشهد.
الوضع الاقتصادي والمعيشي
واصل الوضع الاقتصادي مسيرة الانهيار السريع. وقدسجل سعر صرف الدولار رقما قياسيا وتجاوز عتبة الـ16 الف ليرة، وارتفعت في المقابل كل اسعار السلع.
في ملف المحروقات، رأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجتماعا ضم وزير المال ووزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خصص لعرض وضع المحروقات في البلاد وانعكاساته. وتم خلال الاجتماع درس عدد من الاقتراحات الايلة الى معالجة ازمة المحروقات وتفادي حصول اي مضاعفات سلبية تنعكس على الاستقرار الامني والمعيشي في البلاد .وأجرى الرئيس عون اتصالا هاتفيا برئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب، وتداولا في النقاط المطروحة، وتقرر على اثر ذلك اتخاذ اجراءات عملية استثنائية لتمكين مصرف لبنان من القيام بالترتيبات اللازمة للحد من تمدد الازمة بانتظار التشريعات التي يجري درسها في مجلس النواب والتي من شأنها توفير الحلول الشاملة في ما يتعلق بموضوع الدعم.
وافيد ان الحل الذي بحثه اجتماع بعبدا ارتكز على تمويل استيراد البنزين على اساس 3900 ل.ل، وان في حال السير باقتراح تمويل استيراد البنزين على اساس 3900 ل.ل. يصبح سعر الصفيحة ما بين 75 الف و80 الف ليرة.
في المقابل، نجح حاكم مصرف لبنان في اجبار السلطة على توقيع قرار يمنح المركزي التغطية للانفاق من الاحتياطي الالزامي المتبقي في صناديق المصرف، على اساس إقراض الدولة.
وقد اصدر مصرف لبنان بيانا أوضح فيه موضوع الإقراض سندا للمادة 91 من قانون النقد والتسليف، والتي توجب عليه أن يمنح الحكومة قرضا بسبب الظروف الاستثنائية والخطرة التي يعيشها لبنان بسبب تعثر الدولة عن دفع ديونها.
واذ أكد مصرف لبنان على ضرورة تشكيل الحكومة للبدء المباشر بخطة طريق واضحة للعموم بعدد من الاصلاحات لوضع الاسس المناسبة الكفيلة باعادة الثقة وتعافي الاقتصاد والتركيز على الدعم المباشر للمواطنين وترشيد الدعم.
في الموازاة، تمت الموافقة على مشروع البطاقة التمويلية في مجلس النواب من حيث المبدأ. ووفقا للاجواء التي سادت في جلسة اللجان المشتركة فان الاراء اجمعت على تأييد مشروع البطاقة لكنها تباينت حول الاجوبة على ثلاثة اسئلة مطروحة هي: طريقة تمويل البطاقة، حجم تغطيتها ومنصة بيانات العائلات التي ستستفيد منها، وعلاقة اقرارها بموضوع رفع او ترشيد الدعم.
وعكس نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي الذي ترأس الجلسة توجهات الرئيس بري، مؤكدا ان جلسات اللجان ستكون متواصلة قبل وبعد الظهر ان اقتضى الامر لحسم المشروع تمهيدا لمناقشته واقراره بصورة نهائية في الهيئة العامة للمجلس.
وعلم ان نقاشات طويلة دارت خلال الجلسة حول طريقة التمويل وخلفية التعاطي مع هذا الموضوع. وتبين ان البنك الدولي ابدى استعداده لزيادة تأمين مبلغ اضافي على الـ 246 مليون الذي اقر سابقا لشبكة الامان الاجتماعي ليصبح المبلغ ما بين 360 و460 مليون دولار.
مؤتمر روما
الى ذلك، بدأت الاستعدادات لانعقاد مؤتمر روما في الاول من تموز، الذي يشارك فيه رؤساء الطوائف المسيحية الكاثوليكية في مشهد جامع يضم 13 بطريركاً تلبية لدعوة الفاتيكان.
وفي السياق تقول المصادر نفسها ان دولة الفاتيكان ستعتمد مناقشة مبادرة بكركي وستضغط باتجاه المؤتمر الدولي للبنان الذي سيرتكز على 6 نقاط اساسية:
1 – تنفيذ قرارات الامم المتحدة
2 – قبول حياد لبنان
3 – المساعدة في إعادة تكوين السلطة
4 – المساعدة في مكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة
5 – حل قضية اللجوء
6 – المساعدة في حل الأزمات المالية
المصدر: السهم