لقى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، اتصالا هاتفيا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تم خلاله التداول بالأوضاع الراهنة والمستجدات الأخيرة. كما تم التطرق إلى “ما تعرض له المقام البطريركي وشخص البطريرك من حملات مدانة ومرفوضة من أي جهة أتت وتحت أي ذريعة أو حجة”.
وشدد الرئيس عون على أن “حرية الرأي والتعبير مصانة بموجب الدستور، وأي رأي آخر يجب أن يبقى في الإطار السياسي ولا يجنح إلى التجريح والإساءة، حفاظا على الوحدة الوطنية وضمانة للاستقرار العام في البلاد”.
وأوفد الرئيس عون مستشاره السياسي أنطوان قسطنطين إلى الديمان، ناقلا إلى البطريرك الراعي “رفضه وشجبه واستنكاره التعرض إلى مقامه”.
وبعد اللقاء، قال قسطنطين: “نقلت إلى غبطة أبينا البطريرك تحيات فخامة رئيس الجمهورية والموقف الواضح والصريح الرافض والمدين لأي إساءة لمقام غبطة البطريرك، كما لأي مقام آخر، بسبب رأي أو اختلاف في الرأي، وإن أي إساءة على نحو ما جرى هي مرفوضة وليست من عادات لبنان واللبنانيين في النظام الديموقراطي الذي نتبعه. كما كانت مناسبة أطلعت فيها سيدنا البطريرك على مجمل التطورات من وجهة نظر رئاسة الجمهورية، وكان هناك بحث في المسار المتبع لعملية تشكيل الحكومة، وفخامة الرئيس يأمل بالطبع أن تتشكل في أسرع وقت الحكومة القادرة على النهوض بأعباء المرحلة، وهي كثيرة، وأبرزها المشاكل والأزمات المعيشية والمالية والطبية، ورئيس الجمهورية هو من أكثر من يتحسس يوميا متاعب اللبنانيين ويبذل كل جهد حتى نخرج من النفق الذي أدخلتنا فيه التطورات الكثيرة”.
وكان الراعي استقبل المجلس الجديد لراهبات القربان الأقدس المرسلات، بحضور راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون والمرشد الروحي الأب مالك بو طانوس.
وقدمت الرئيسة العامة الجديدة الأم ماغي اضباشي إلى الراعي برنامج المجلس الجديد والأنشطة التي سيقوم بها في لبنان والبرازيل.
ثم ألقت كلمة قالت فيها: “لقد أتينا إلى غبطتكم حاملات في قلوبنا وأفكارنا كل دعم وتقدير كبنات إلى أبيهن، وكلنا ثقة بأنك لنا ولكل أبناء وبنات الكنيسة المارونية في لبنان وفي العالم شاهدا للحقيقة والمحبة والسلام”.
وشكرت للراعي “دعمه واحتضانه ومساندته لكل الأعمال التربوية التي يقمن بها في لبنان والبرازيل”، مؤكدة “تكملة المسيرة التي ابتدأها المونسينيور إميل جعارة المؤسس”، وقالت: “أدامكم الله أبا وراعيا لجمعيتنا وللكنيسة في هذه الأوقات الصعبة التي يمر فيها العالم ولبنان، ونعدكم بالصلاة الدائمة لغبطتكم كما نطلب صلاتكم وبركتكم لنا”.
ورد الراعي بكلمة هنأ فيها “المجلس الجديد والأم الرئيسة”، مثنيا على “ما سيقمن بتحقيقه”، داعيا إياهن إلى “المثابرة ومواصلة العمل على الأسس والمبادئ التي أرساها المونسينيور المؤسس إميل جعارة والمجالس المتعاقبة”، شاكرا ل”الرئيسة العامة كلمتها”، ومؤكدا “ضرورة تشجيع الشباب على التمسك بالقيم وبلبنان الرسالة ودعوتهم إلى عدم الهجرة وشبك السواعد من أجل إنهاض لبنان مما يتخبط فيه، كما فعل العديد من المواطنين الذين تعرضت بلادهم إلى نكبات وأزمات”.
ومنح الراعي البركة للمجلس الجديد وللراهبات، متمنيا “لهن التوفيق في كل الاعمال التي سيقمن بها”.
بعدها، استقبل الراعي رئيسة اللجنة الأميركية للحريات الدينية نادين ماينزا والبروفسور ألكسي مكرزل.
واستقبل الراعي رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب المستقيل نعمة افرام، الذي استنكر التطاول على البطريرك الراعي.
بعد اللقاء، قال افرام: “قمنا بزيارة طارئة لغبطة البطريرك في الديمان وتباحثنا في مجمل الأمور، خصوصا التي شهدناها في اليومين الأخيرين، وأكدت له أهمية الرسالة التي أطلقها في عظة الأحد لأنها مبنية على الحق والواقع والتاريخ، خصوصا أننا شعب لا يحب الحرب، بل يحب السلم، ونحن منفتحون ونتوق إلى التواصل مع العالم، والإثبات على ذلك اغترابنا والانتشار اللبناني وأهميته في العالم. وتحدثنا أيضا عن أهمية قرار السلم والحرب وحصره في يد الدولة اللبنانية، وهذا أمر أساسي في بناء الأوطان، وعندما يفقد الوطن هذه القدرة لا يمكن تسميته بدولة”.
اضاف: “ومن هنا، أهمية عظة غبطته التاريخية، خصوصا أنها في الأسبوع الذي شهد ذكرى كارثة 4 آب، ونحن نعتبر أن أرواح شهداء الانفجار هم ذبيحة عن كل لبنان، وبموتهم يجب أن تفتح كل الملفات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، والانفجار ليس عابرا، إنما هو مشروع يزيد عمره عن 30 أو 40 سنة من تدمير الدولة اللبنانية وإدارتها وآلية اتخاذ القرار فيها. وارتكاب الخطيئة التي تسمح باتخاذ قرار الحرب والسلم، بعيدا عن الدولة المركزية ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية والجيش اللبناني، هو الخطيئة نفسها التي أدت إلى انفجار 4 آب”.
وتابع: “نحن نعتبر أن ردة الفعل على كلام غبطته غير مقبولة لأنها تدل على الخلل في مفهوم الحق والباطل، وهنا المشكلة، خصوصا أن الحق يكون في أن تتخذ الدولة اللبنانية وحدها قرار الحرب والسلم، والحق هو في أن يعيش اللبناني بسلام كي يتمكن من تطوير حياته، وكل شيء آخر باطل لأن لبنان بني من أجل الإنسان وسعادته وحريته وانفتاحه وتحقيق ذاته”.
وختم: “نحن نعتبر أن ردة الفعل أظهرت المستوى المتدني الذي لا يليق الرد عليه بالمستوى نفسه، ولا يكون الرد إلا بنشر الحق والحقيقة التي تشكل الضوء الساطع الأقوى من عتمة الصور والأفكار والكلمات النابية التي لا تليق بهذا الصرح وبمخاطبته. وأتمنى أن نقف جميعا إلى جانب البطريرك الراعي في مسيرته التي بدأت منذ آلاف السنين من هذا الوادي المقدس وستستمر، ونحن في هذا الشرق مستمرون، ولن نخاف أي ترهيب أو ترغيب، ولن نترك هذا الوطن”.