ارتفعت معدلات ووتائر الجرائم المجتمعية في سوريا، بحسب المنظمات المدنية والحقوقية المحلية، آخرها الجريمة التي تشغل البلاد منذ أيام، والتي راح ضحيتها طبيب سوري، في مدينة اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وذلك عبر تفخيخ ميزان الحرارة في عيادته الخاصة.
وبحسب بيان وزارة الداخلية السورية، فإنه بعد فتح فرع الأمن الجنائي باللاذقية، تحقيقا في انفجار وقع ضمن عيادة بدوار الزراعة بالمدينة عائدة للطبيب المغدور كنان علي أخصائي الأمراض القلبية، تبين وجود بقايا جهاز قياس حرارة إلكتروني منفجر ضمن العيادة (خاص بفحص مرضى كورونا)، حيث أدى انفجار هذا الجهاز إلى إصابة الطبيب إصابة بليغة أسعف بعدها إلى مستشفى تشرين الجامعي وفارق الحياة فيه متأثرا بإصابته.
ومع تشكيل فريق بحث جنائي لكشف ملابسات الجريمة وصولا لمعرفة الجناة، ومن خلال البحث الجدي والتحري وجمع المعلومات ومسح الكاميرات المحيطة بمسرح الجريمة، شوهد شخص دخل المبنى ليلا مكان الانفجار تنطبق مواصفاته مع أحد الأشخاص المشتبه بهم.
وتبين أنه متواجد في محافظة دمشق، حيث تم إرسال دوريات إلى هناك وتمكنت من إلقاء القبض عليه وحجز سيارته وإحضاره إلى مركز الفرع.
وبتحري السيارة تم ضبط حقيبة سوداء بداخلها عدة أجهزة خاصة بصيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وبالتحقيق معه ومواجهته بالأدلة والقرائن اعترف بإقدامه بعد التخطيط المسبق على تفخيخ جهاز قياس حراري إلكتروني، بعد وضع مادة متفجرة داخله والحضور ليلا إلى عيادة الطبيب المغدور كنان، وتعليق الجهاز على باب العيادة بهدف قتل الطبيب، ومن ثم مغادرته إلى دمشق وذلك بسبب خلافات قديمة، بحسب الداخلية السورية.
هذا وتنشغل المواقع الاجتماعية السورية على مدى أيام بهذه الجريمة، التي يكثر القيل والقال حولها، لكن اللافت فيها هو طريقة تنفيذها التي لا تخطر على بال، وذهب معلقون في الشبكات الاجتماعية، للقول وبأسى إن الجريمة في سوريا، باتت ميدانا واسعا للتفنن والابتكار.
وتتصاعد في مختلف المناطق السورية معدلات الجريمة، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد علي مدى سنوات طويلة، حيث تتفشى ثقافة العنف والثأر بحسب خبراء اجتماعيين، وسط تراكم الأزمات المعاشية والاقتصادية والأمنية.
وتعليقا على ذلك، تقول الباحثة الاجتماعية سما قدري، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “مع الأسف يتفشى العنف ويتطور، من كونه عنفا تمارسه جماعات مسلحة وإرهابية وأطر عسكرية في سياق الحرب، التي تعيشها البلاد على مدى 11عاما، ليتحول لممارسة يومية تقريبا في مختلف مناحي الحياة العامة، بفعل تداعيات الحرب وآثارها النفسية والمادية الثقيلة، التي أرهقت الناس ودمرت حيواتهم، وغيرت طبائعهم”.
وأضافت “باتت القسوة والفظاظة والريبة، هي الغالبة في العلاقات المجتمعية مع بالغ الأسف، وهذا حصاد متوقع ومنطقي في أي مجتمع يخوض غمار أزمة وجودية حادة، وحربا داخلية طاحنة بامتدادات إقليمية، كما يحصل في سوريا”.
وتردف: “قد تبدو هذه الجرائم قياسا لما حل بالبلاد، وما عانته من حرب مديدة ومن احتلالات أجنبية وتدخلات خارجية غيضا من فيض، لكنها في الواقع أخطر ولا تقل كارثية عن كل ما ذكرناه، كونها مؤشر إلى أن العنف بات ينخر مسامات المجتمع، ويتغلغل في مفاصله، كطريقة تعاط وفض خلافات وأسلوب حياة، وهنا المصيبة الأعظم”.
وكالات