المركز التربوي يطلق فكرة أول مدرسة افتراضية في لبنان

أعلن المركز التربوي للبحوث والإنماء في بيان أن رئيسته الدكتورة ندى عويجان زارت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأطلعته على وضع المركز التربوي ولا سيما المراسيم المتأخرة ومراحل مشروع تطوير المناهج. كما أطلعته على الوضع التربوي العام مشيرة الى أهم التحديات التي يعانيها القطاع، في مسألة إنهاء العام الدراسي، والإجراءات التربوية التي يجب اتباعها في ظل هذه الظروف، والتحضر لأزمة تربوية، في بداية العام المقبل، ستشهدها المدارس الرسمية، بسبب انتقال الكثير من المتعلمين من القطاع الخاص إلى القطاع الرسمي. كما عرضت عويجان للرئيس عون رؤية المركز التربوي في حال استمر الوضع على ما هو عليه، من خلال عناوين لخطة ستعرضها على وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بانتظار مناقشتها والموافقة عليها، والتي تتضمن الاجراءات الممكن اتباعها في الأشهر المقبلة في حال استمر وضع الحجر، كما تتضمن اقتراح إنشاء المدرسة الافتراضية الأولى في لبنان، تكون مدرسة نموذجية بإشراف المركز التربوي للبحوث والإنماء، يتم مأسستها وتعميمها في وقت لاحق وانشاء مراكز نفاذ لها.

وأشار البيان إلى أن “المدرسة الافتراضية اللبنانية مؤسسة تربوية تعتمد التعلم الرقمي عن بعد، كما تعتمد على بيئة تعليمية رقمية متكاملة، تتيح القيام بكل أعمال المدرسة التقليدية، رقميا. كما تعتمد على مقاربات وطرائق حديثة في إدارة عملية التعليم والتعلم الالكتروني والعمل التعاوني، بناء على مناهج وكتب وموارد تربوية رقمية تفاعلية متطورة وإرساء ثقافة جامعة لمفهوم التعلم الإفتراضي. تقوم المدرسة الإفتراضية بتسجيل وتعليم من يريد من الطلاب، وتقديم التعلم الرقمي مركزيا بحسب الحاجة، وسد الثغرات الناتجة عن عدم قدرة بعض المدارس أو المعلمين على مواكبة التعلم الرقمي، وتقديم الدعم والمواكبة التعليمية والتقنية لجميع المعلمين وتعزيز فعالية التعليم والتعلم الرقمي عن بعد”.

وتابع البيان: “أما في التفاصيل، فقد تناول اللقاء النقاط التالية :
أولا : الوضع التربوي الحالي:
1- ترتكز مواقف المركز التربوي على الثوابت والأهداف التربوية التي تحقق المصلحة الوطنية العليا. تتمحور مواقفه انطلاقا من حرصه على المواضيع التربوية، سيما المتعلقة بتطوير المناهج التعليمية وإجراء الإمتحانات الرسمية التي تشكل المحور الأساسي في مهام المركز التربوي.

2 – يستند رأي المركز التربوي على الوقائع والمنطلقات العلمية المتوفرة، كما يأخد في الاعتبار آراء جميع المعنيين بالشأن التربوي وهواجسهم سيما وزارة التربية، المدارس الرسمية والخاصة، المعلمين، المتعلمين والأهل. وتصدر كل مواقفه بعد دراسة الواقع بجميع أبعاده، وتحليله واستشراف مجريات الأمور وتطوّرها، ووضع السيناريوهات الممكنة، وتقديم الاقتراح الأنسب والأسلم.

3 – يتمسك المركز التربوي بعدم إفراغ الامتحانات الرسمية من محتواها ومن أهدافها (مثلا ألا يمتحن المتعلم بـ 10 الى 20 % من المنهج المعتمد)، فتصبح بالتالي الإمتحانات شكلية.

4 – من هنا كان اقتراح المركز التربويّ في الوقت الراهن حول مصير العام الدراسي والامتحانات الرسمية للعام الدراسي 2019-2020، والذي سلمه الى الوزير المجذوب في 30 نيسان 2020، والذي ارتبط بضرورة الأخذ في الاعتبار:
– صحة المتعلمين والمعلمين النفسية والجسدية، ومفهومي العدالة والمساواة.
– مبدأ الإتاحة ووصول المعلومة بالوقت اللازم للجميع.
– اعتبار أن هذه الأزمة عالمية وليست فقط محلية.
– الحرص على مستوى الشهادة الرسمية ومستوى التعليم في لبنان.
– اعتبار أن إجراء الإمتحانات الرسمية يتطلب العودة الآمنة إلى المدارس (أي أن يصبح الخطر 0%)، كما يتطلب دعما نفسيا اجتماعيا للمعلم والمتعلم، واستكمال المنهج لعدة أسابيع، وعدم اعتماد شهري تموز وآب للتعليم”.

أضاف البيان: “كلها مقومات غير متوفرة في مجريات الوقت الحالي، تحتم استحالة إجراء إمتحانات رسمية عادلة، واستكمال العام الدراسي قبل شهر أيلول (إذا تحسن الوضع). وبالتالي كان الاقتراح الأول والذي اعتبر الأسلم في “عدم إجراء الإمتحانات الرسمية استثنائيا لهذه السنة، مع ضرورة إكمال العام الدراسي”، لأسباب متعددة. منها أسباب عامة تتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في لبنان. ومنها أسباب خاصة تتعلق بالصحة الجسدية والنفسية عند المتعلمين والمعلمين، وبكلفة الإمتحانات الرسمية التي ستفوق بكثير المردود التربوي لدور ووظيفة الإمتحانات الرسمية في حال خلت من أهدافها ومن مضمون المنهج. إضافة الى الأسباب التربوية المتمحورة حول عدالة النتائج المرتكزة على مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية -التعلمية بالحد الأدنى بين المتعلمين. فالأوضاع النفسية والصحية والمعيشية التي يعيشها بعض المتعلمين ستؤثر على تحصيلهم التعلمي وعلى اكتسابهم للكفايات التعليمية، وبخاصة المتعلمين ذوي الحاجات الخاصة والصعوبات التعلمية. مع الإشارة الى ان المتعلمين لم يكملوا عدد أيام الدراسة نفسها، وبالتالي ليس لديهم جميعا تعلمات متناسقة في ما بينها، وأن الإمتحانات الرسمية، إذا جرت، لن تعبر في هذا العام عن التحصيل التعلمي الحقيقي مقارنة مع إجرائها في أجواء سليمة، وستعكس بالتالي نتائج مغلوطة. بالاضافة الى ذلك، لا بد من الإشارة أنه خلال فترة التعبئة العامة، لم تتوفر نفس فرص التعلم عن بعد بين المتعلمين، لأسباب عدة (قدرة المعلم على اعتماد هذه المقاربة، توفر الموارد التربوية، توفر الإنترنت، توفر الأجهزة الإلكترونية، توفر الكهرباء، وغيرها)، وهذا يؤدي إلى زيادة عدم تكافؤ الفرص”.

اقتراح ثان
وتابع البيان: “أما الاقتراح الثاني للمركز فكان “إجراء الإمتحانات الرسمية للشهادة الثانوية فقط، استثنائيا لهذا العام، مع ضرورة إكمال العام الدراسي”، ولكن هذا الاقتراح كان مرتبطا بانتهاء أزمة كورونا، وإمكانية العودة الآمنة إلى المدارس في فترة أقصاها 28 أيار 2020، مع الأخذ في الإعتبار الأسباب نفسها التي ذكرت في الإقتراح الأول. يتضمن هذا الاقتراح وقف العمل بما يقارب 3 دروس في كل مادة تعليمية لكل فرع استثنائيا لهذا العام مع وضع مروحة من الخيارات في كل مسابقات الإمتحانات الرسمية بنسبة 60% تقريبا لكل مجموعة من الأسئلة. مع ضرورة الإبقاء على كل المواد لأن أي اختيار بين المواد سيفقد الامتحانات الرسمية قيمتها ودورها من الناحية التربوية ومن ناحية ارتباطها بحياة المتعلم اليومية. أن بعض المواد قد تكون سببا لنجاح بعض المتعلمين أو رفع معدلاتهم وتقديراتهم في الامتحانات الرسمية. وإن تعليق أو تعديل العمل ببعض المواد له محاذيره التربوية السلبية. قد يتحول هذا الإجراء الاستثنائي إذا ما اتخذ، إلى عرف عند المتعلم أو المعلم ويقلل عندهم من شأن بعض المواد وأهمّيتها ودورها في بناء شخصيّة المتعلّم المتكاملة في هذا الفرع أو ذاك، كما ويناقض مبدأ تفعيل المواد الإجرائيَّة.إضافة الى كل ما ذكر، إن مناهج 1997 غير مصمَّمة لهذا الطرح فمن غير المنطقي تركيب هذا الموضوع على هذه المناهج بصورتها وصيغتها الحالية، حتى ولو تضمن مشروع تطوير المناهج، الذي يعمل المركز التربوي عليه حاليا، هذه المقاربة ضمن معايير وإجراءات محددة.
ثانيا : خطة استكمال العام الدراسي ودعم التعلم عن بعد:
1- حول استكمال العام الدراسي، ترتبط العودة الآمنة الى المدرسة بانتهاء أزمة الكورونا، أي أن يصبح الخطر 0%، ويرتبط استكمال العام الدراسي بعودة الصفوف جميعها (اذا ما اتخذ قرار الترفيع التلقائي لمرحلة الروضات والحلقة الأولى من التعليم الأساسي) مدة 6 الى 8 أسابيع الى المدرسة، يتم خلالها دعم المعلم والمتعلم نفسيا واجتماعيا والتركيز على تعليم وتعلم المواضيع والكفايات الإنتقالية، التي تشكل المتطلبات المسبقة (prerequisite) في المواد التعليمية وبين الصفوف على التوالي، مستعينين بما تم انتاجه خلال فترة كورونا من حلول ووسائل تربوية مساعدة لتسريع عملية التعليم والتعلم. على أن تفتح المدارس في الأول من أيلول (في حال تحسن الوضع)، وتعاود الدروس لاستكمال العام الدراسي الحالي 2019-2020 في الأسبوع الثاني من أيلول لمدة 6 الى 8 أسابيع. ويبدأ العام الدراسي 2020-2021 مع النصف الأول من شهر تشرين الثاني”.

وأوضح البيان أن “وزارة التربية والتعليم العالي كانت أطلقت تجربة الصفوف الافتراضية المباشرة والدروس التلفزيونية المسجلة، وأطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء منصة “مبادرة التعلم الرقمي” dl.crdp.org، للقطاعين الرسمي والخاص، التي ترتكز على التعلم الذاتي، والتعلم المتزامن المباشر، وإدارة التعلم غير المتزامن والتعاوني، والتي تضمنت وسائل تربوية متنوعة من المكتبة الرقمية التفاعلية، والدروس التلفزيونية المسجلة، والمنصة التعليمية، وبيئة الإنتاج والعمل التعاوني والصفوف الافتراضية المباشرة. كما أطلقت العديد من المدارس الخاصة مبادراتها الذاتية في التعلم عن بعد. وقد واجهت هذه التجارب والمبادرات تحديات عديدة تمحورت معظمها حول غياب الجهوزية الشاملة عند المعلمين والمتعلمين، نقص كبير في توفر المحتوى الرقمي التفاعلي لتغطية المنهج، عدم توفر البنى التحتية اللازمة في المدارس، عدم توفر تجهيزات (كمبيوتر، IPads، وغيرها …) للمعنيين، معلمين ومتعلمين، كلفة الانترنت ونوعيتها وتوفرها وانقطاع الكهرباء وغيرها. بالاضافة الى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة التي أثرت على مستوى التركيز والأداء عند المتعلم والمعلم. بناء على ما تقدم، يمكن القول إن تجربة التعلم عن بعد نجحت الى حد ما، فقد تفاوتت فعاليتها وأهميتها بحسب المدارس ومقوماتها وبحسب المعلمين وقدراتهم والمتعلمين ومشاركتهم الفاعلة، خاصة وأنها ارتكزت في المرحلة الماضية على نمط أوحد، هو الصفوف المتزامنة، وهي عادة الأكثر تأثرا بضعف الانترنت وكلفته، والحاجة الى طرائق تعلمية مبتكرة لم يكن المعلمون والمتعلمون قد تدربوا عليها”.

وتابع: “في حال استمر الوضع على ما هو عليه (استمرار الحجر)، لا بد أن نكون على أتم الجهوزية، والتحضر لتعلم عن بعد لفترة طويلة، من خلال اجراءات تتمحور حول مستويين. المستوى الأولي المباشر يتعلق بتأمين البيئة الإلكترونية اللازمة والمستلزمات التابعة للتعلم عن بعد مع الاستفادة مما تم انشاؤه من منصات الكترونية، وانتاجه من موارد تربوية حتى الآن، بهدف تطويره وتوحيد الجهود لتوزيع عادل ومتكافئ مما يسهم في تعزيز استخدام التقنيات اللازمة لاكتساب المهارات المطلوبة، وتعزيز أنماط التعلم وطرائقه الحديثة والتغذية الراجحة وعملية المتابعة والتقويم لكل متعلم. أما المستوى المتقدم فيقوم على إنشاء أول مدرسة إفتراضية في لبنان، تكون مدرسة نموذجية بإشراف المركز التربوي للبحوث والإنماء، يمكن أن تتم مأسستها وتعميمها في وقت لاحق”.

أضاف: “كل هذا يتطلب مواجهة المرحلة المقبلة، من خلال تأمين فرص متكافئة للجميع في القطاعين الرسمي والخاص تسمح اعتماد هذا النوع من التعلم والتعليم ، أي :
– تأمين الانترنت المجاني للمواقع التعليمية (Whitelisting) من خلال وزارة الاتصالات.
– تأمين عدالة التوزيع من خلال توفير أجهزة الكترونية (كمبيوتر، IPads) لأطفال العائلات المتعثرة عبر التمويل الدولي المتوافر.
– تأمين موارد تربوية مستمرة على منصة مبادرة التعلم الرقمي.
– تدريب أكبر عدد ممكن من المعلمين من قبل المركز التربوي.
– دعم بعض مدارس القطاع الخاص المتعثرة.
– استصدار مرسوم للمركز التربوي باستحداث وتشغيل المدرسة الافتراضية اللبنانية المركزية Central Lebanese Virtual School.

وختم: “في مرحلة ما بعد كورونا، يمكن الاستفادة من هذه الحلول الالكترونية لتطبيق التعليم المدمج أو الـ Blended Learning أي الدمج بين التعلم عن بعد والتعلم التقليدي داخل الصف، مما يتيح تطبيق التعليم المتمايز والتعليم المرتكز على الذكاءات المتعددة، والأنماط المختلفة في التعلم، ويزيد من مستوى التفاعل بين المتعلمين والمعلمين بشتى الطرق والوسائل، الإلكترونية وغير الإلكترونية. فتؤمن بالتالي السياقية، والمرونة، وإمكانية الوصول إلى المعلومة وتنوع التفاعلات. إن التعلم في المستقبل القريب هو مجموعة من الآليات والنماذج التنظيمية يرتكز على تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وما تحقق من تقدم في عالم الذكاء الإصطناعي وتحليلات البيانات وما هو متوقع من تقنية 5G والبيانات الضخمة Big Data. ولا بد من تأمين الجهوزية لذلك في منظومتنا التعليمية حتى لا نتفاجأ كل مرة بجائحة غير متوقعة”.