جاء في “المركزية”:
أما وقد بات للبنان حكومة بغض النظر عما اذا راعت او لم تراعِ شروط الخارج ومطالب الداخل الشعبية، فإن ثاني الاستحقاقات التي يتطلع إليها العالم ولبنان بعد انطلاق ورشة الاصلاحات المطلوبة كشرط لمد لبنان بالمساعدات يتمثل بالانتخابات النيابية التي يرى فيها الجميع معبرا الزاميا للتغيير المنشود بعدما اخفقت سائر الخطوات في مواجهة منظومة الفساد المتحكمة بالبلاد وقد اوصلتها الى ما اوصلتها اليه من فقر وعوز و”شحادة” على ابواب دول كان لبنان حتى الامس القريب قبلة انظارها.
يوم امس جالت السفيرة الفرنسية على عدد من كبار المسؤولين والقادة السياسيين في البلاد، بحثت معهم بطبيعة الحال الملف الحكومي ونظرتهم الى ما قد تقدمه الحكومة الحديثة الولادة ومدى قدرتها بتركيبتها الـ”برو-سياسية” على اطلاق قطار الاصلاحات، لكن تركيزها كان على نقطة اساسية عنوانها ضرورة اجراء الانتخابات النيابية وقطع الطريق على اي محاولة من قوى السلطة لإرجائها او تطييرها لان الاستحقاق بات خطا احمر دوليا يمنع المس به او تجاوزه، تحت اي ظرف او ذريعة.
وتقول أوساط دبلوماسية لـ”المركزية” إن مجمل الدبلوماسيين المعتمدين في لبنان يبدون اهتماما بالغا بالانتخابات النيابية كمحطة رئيسية على طريق احداث التغيير الذي ينشده معظم الشعب الطامح الى اعادة بناء دولة تليق به وتستعيد امجاد الماضي قبل ان تسطو عليها منظومة المحاصصة السياسية التي نهبت خيراتها ودجّنت مناصريها من الاحزاب التابعة لها، وان سفراء الدول الكبرى الغربيين يعقدون اجتماعات مع مجموعات الثورة والمجتمع المدني تحضيرا للانتخابات، ويطلعون منهم على رؤيتهم وبرامج عملهم ومدى استعدادهم لخوض الاستحقاق موحدين وبمشروع يقدم البديل عن السلطة، لان خلاف ذلك سيقدم هدية مجانية للقوى السياسية التي ستستفيد من تفرّقهم وتشرذمهم لاعادة انتاج نفسها، خصوصا ان ثمة معلومات سرت اخيرا عن سعي لتأجيل الاستحقاق الى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
وتضيف أن فرنسا التي سلّمت بحكومة الأمر الواقع بعد 13 شهرا من الفراغ القاتل في اصعب ظرف مر على لبنان على قاعدة “ان لم يكن لك ما تريد فأرد ما يكون” تراهن على الانتخابات النيابية بعد 8 أشهر للعودة الى تطبيق بنود ورقتها الاصلاحية باعتبارها الدرب الانقاذي الوحيد، إذ يمكن ان تفرز قوى تغييرية بعيدة من محاصصات السياسيين المتحكمة راهنا بكل شاردة وواردة في البلاد، بحيث تشكل حكومة مستقلين اختصاصيين بحسب ورقتها الشهيرة تطبق ما تم التعهد به في قصر الصنوبر للرئيس ايمانويل ماكرون ليبدأ فعليا آنذاك مشوار الانقاذ والتغيير نحو لبنان الذي تطمح اليه ثورة 17 تشرين.
في المقابل، تتحدث أوساط سياسية مطلعة عن ان الحكومة الميقاتية قد تعمد الى تقريب موعد الانتخابات النيابية الى آذار لمصادفة شهر رمضان في ايار المقبل الموعد المضروب لهذا الاستحقاق ولقربه من موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين وكذلك البلدية والاختيارية. وتعزو القرار هذا الى رغبة لدى البعض بانتقال لبنان الى مرحلة جديدة تواكب التطورات المتسارعة في المنطقة، بحيث تجري بعد الانتخابات النيابية، انتخابات رئاسية مبكرة يسعى هذا الفريق اليها منذ الان في مواجهة اتجاه بعض افرقاء 8 آذار لتأجيل الانتخابات النيابية فيتسنى للمجلس الحالي انتخاب الرئيس الجديد.