جاء في “أخبار اليوم”:
رغم تشكيل حكومة جديدة ينتظر منها ان تبدأ بالاصلاحات والمفاوضات مع المجتمع الدولي ووقف الانهيار، الا ان الوضع في لبنان دخل مدار الانتخابات النيابية بالنسبة الى السياسيين وبدأت التصاريح والمواقف الشعبوية الجماهيرية لشدّ عصب الناخبين الذين تتآكلهم الهموم المعيشية قبل اي شي آخر.
من هذا الباب يدخل الهجوم المستجدّ الذي شنّه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على رئيس مجلس النواب نبيه برّي في الدرجة الاولى ثم الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط. وهذا ما يجعل البعض يتخوّف من ان يؤدي ذلك الى عرقلة عمل الحكومة حتى قبل نيلها الثقة ووضع العصي في دواليبها منذ بدايتها، مما يلحق الضرر اولاً بالشعب اللبناني.
تضع مصادر سياسية ما قام به باسيل بخانة التجييش للانتخابات النيابية، لتؤكد انه لم يستطع الخروج من قصة “شيطنته” من قبل الشعب اللبناني وتسميته بـ”الفاسد الاول” ورفع العقوبات الاميركية عليه في الوقت الذي يعتبر ان المنظومة كلها التي كانت قبله والتي اوصلت البلاد الى حالة الانهيار الحالية هي الفاسدة ولم تطلها الانتقادات والشتائم التي طالته. لذا هو يحاكي الناخبين وفي الوقت عينه يعيد تكرار اللازمة علّ المجتمع الدولي، الذي عينه على لبنان، يرى في شكل اوضح مكامن الفساد.
معظم القوى السياسية لا توافق على تجدد الاشتباك الذي اعاد باسيل احياءه في هذا الوقت بالذات. وثمة من يرى ان باسيل بهذه الحالة يحاول اللعب على الجميع، فمن جهة يعتبر نفسه في صفوف المعارضة، ومن جهة اخرى هو شريك في المحاصصة والسلطة، كما حاول “اللعب” في موضوع تشكيل الحكومة. علماً ان اول من سيكون في وضع محرج نتيجة هذا الاشتباك هو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي هو بحاجة الى الرئيس ميشال عون وفريقه من جهة، والثنائي الشيعي من جهة ثانية، والحريري من جهة ثالثة، لخلق التوازنات السياسية داخل حكومته وبالتالي اضفاء جو من التفاهم لتسيير عمل الحكومة ولتحقيق بعض المشاريع الاساسية وخصوصاً ملف الكهرباء الذي هو بحاجة الى تفاهم والذي يعني الكثير لباسيل بشكل خاص، وكذلك ملفات الاصلاحات المالية وبدء المفاوضات مع المؤسسات الدولية واجراء الانتخابات النيابية.
في حين تشدد المصادر عينها على ان المعركة الكلامية الاخيرة ومجاذفة باسيل بفتح معارك ليس الوقت مناسباً لها حالياً، تضرب عملية الاستقرار بعد تشكيل الحكومة وتؤدي الى تدمير ما تبقى من الدولة والنظام في الوقت الذي يحتاج البلد الى حالة انقاذية خاصة. ورغم شعبوية خطوة باسيل غير الموفقة، يتوقف على ميقاتي كيفية ادارته للتناقضات الحكومية التي ستبرز تباعاً على خلفية الانتخابات النيابية وعلى بعض الملفات والمشاريع المتراكمة، وعلى اعتماده على ميزان “الجوهرجي” في قياس اي خطوة او تحقيق اي انجاز، وان يترك مسافة من هذه التصرفات ويبقى رغم كل شي محافظاً على التوازنات كي لا تتمّ خربطة عمل حكومته التي تشكلت بقوة دفع ورعاية دولية في ظلّ فراغ كان ينقل اللبنانيين من قعر الى آخر. علماً ان باسيل لم يعد مؤثراً في مجلس النواب كما يعتقد، وقريباً لن يعود مؤثراً في عمل الحكومة، كما تؤكد المصادر، فسيف العقوبات ما زالت تتهدد معرقلي عمل الحكومة كما هددت معرقلي تشكيلها.