في معمل أبحاث شمال لندن، يستخدم العلماء طرقاً رائدة لتعديل جينات القمح، على أمل أن يكون أكثر صحة، وذلك باستخدام تقنية Crispr، التي يمكنها «تعديل» الحمض النووي وتشكل جزءاً من أحدث علاجات السرطان، حيث يأملون في تقليل كمية المركب في الخبز المرتبط بخطر الإصابة بالسرطان عند تحميصه، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة التلغراف.
لكن لماذا يرتبط الخبز المحمّص بالسرطان في المقام الأول؟ الإجابة هي مادة كيميائية تسمى مادة الأكريلاميد، التي صنفتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان على أنها «مادة مسرطنة محتملة للإنسان».
بحسب «التليغراف» لا توجد مادة الأكريلاميد في الطعام النيئ، ولكنها تتكون من الأسباراجين، وهو حمض أميني، يتكون عند طهي الطعام في درجات حرارة عالية، ويمكن العثور عليه في مجموعة من الأطعمة، ولكنه يتركّز بشكل أكبر في المنتجات الغنية بالكربوهيدرات، مثل البطاطا والخبز المحمص وحبوب البن المحمصة، كما يعد تدخين السجائر أيضاً مصدراً رئيسياً للمادة الكيميائية.
اكتشاف مبكّر
وأضافت الصحيفة البريطانية أنه تم اكتشاف هذه المادة في الطعام فقط في عام 1997، أثناء بناء نفق جديد للسكك الحديدية في السويد، حيث بدأت الأبقار في المنطقة تمرض، ونفق بعضها، ووجد تحقيق أن مياه الشرب الخاصة بها كانت ملوثة بمادة الأكريلاميد، التي تسربت إلى المياه من المواد المستخدمة في البناء، وتم اختبار مستويات الأكريلاميد لدى العمال ولدى مجموعة أخرى غير متصلة بهم، وفيما كان لدى العمال مستويات عالية بشكل مدهش من المادة الكيميائية في دمائهم، وتم اكتشاف أن مادة الأكريلاميد كانت موجودة في المجموعة الأخرى، حيث وصلت إليهم من خلال وجباتهم الغذائية، وبعد مزيد من الدراسات تبين وجودها بكميات كبيرة في منتجات البطاطا المطبوخة مثل رقائق البطاطا.
دراسات وأبحاث
وجاءت فكرة ارتباط مادة الأكريلاميد بسوء الصحة من الدراسات التي أجريت في السنوات التالية، وفي بحث أُجري على الفئران، وجد أن مادة الأكريلاميد يمكن أن تلحق الضرر بالحمض النووي في الخلايا وتسبب السرطان، عند إعطائها بجرعات تعادل ما بين 1000 و10000 مرة من التعرض الطبيعي للإنسان وأفادت «التليغراف» بأنه في الدراسات التي أجريت على البشر، كانت هناك علاقة أقل وضوحاً، حيث وجدت دراسة أجريت عام 2007 زيادة خطر الإصابة بسرطان المبيض وبطانة الرحم مع زيادة مادة الأكريلاميد في الطعام، وفي عام 2010، أدرجت منظمة الصحة العالمية المادة الكيميائية على أنها خطر محتمل على صحة الإنسان.
ويقول الدكتور سيمون كوتون، وهو محاضر فخري أول في الكيمياء بجامعة برمنغهام، إنه من المحتمل أن أجسامنا يمكن أن تتحمّل قدراً من مادة الأكريلاميد، ويضيف: «يمكنك التعامل مع كميات صغيرة من السيانيد، ولكن ليس أكثر من كمية معينة، وأظن أن الأمر نفسه ينطبق على مادة الأكريلاميد»، لكن السلطات الصحية ليست قلقة للغاية بشأن المخاطر التي يشكلها الطعام المحروق على صحة الإنسان، حيث تقول أماندا فينش، مديرة المعلومات الصحية في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إنه يجب ألا تقلق بشأن تناول القليل من الخبز المحمص المحترق بين الحين والآخر.
وأضافت: «النظام الغذائي الصحي ككل هو ما نود التركيز عليه، بدلاً من التركيز على طريقة طهي الطعام، من الأفضل تناول المزيد من الفاكهة والخضروات والبروتينات الصحية والحبوب الكاملة».
كيف نتجنّب المخاطر؟
أفادت الصحيفة بأن هناك طريقة سهلة للغاية لتقليل المخاطر تتضمن سلق الطعام بدلاً من قليه أو شيّه، مردفة أنه نظراً إلى أن الماء يغلي عند 100 درجة مئوية فإنه لا يصل إلى درجات حرارة عالية بما يكفي لإنتاج كميات كبيرة من مادة الأكريلاميد.
وأضافت أنه يمكن أيضاً تجربة طهي الطعام في درجات حرارة منخفضة لفترة أطول من الوقت، ما يمنع ازدياد مادة الأكريلاميد التي يتم إنتاجها بشكل كبير في درجات حرارة أعلى من 140 درجة مئوية.