علماء الفلك يكتشفون كوكبا عملاقا غير مرئي سابقا

كوكب ضخم مخفي يظهر للعلماء
أكد علماء الفلك وجود كوكب خارج المجموعة الشمسية يُدعى Gaia-4b، وهو أحد أكبر الكواكب التي تدور حول نجم صغير الكتلة، هذا الاكتشاف التاريخي تم باستخدام تقنية قياس المواضع (Astrometry) الخاصة بمسبار Gaia التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، وهو أول كوكب يتم تأكيده بهذه الطريقة.
تم التحقق من وجود الكوكب العملاق بمساعدة مطياف NEID المتخصص بقياس السرعة الشعاعية، ما يعزز التعاون بين التلسكوبات الفضائية والأرضية في كشف الكواكب الخفية.
ما هو Gaia-4b؟ كوكب عملاق بين الكواكب الخارجية
يُعد Gaia-4b كوكبا فريدا نظرا لحجمه الهائل ونوع النجم الذي يدور حوله. يقع ضمن مجموعة من الكواكب التي تدور حول نجوم منخفضة الكتلة، وهو ما يجعله هدفا علميا مثيرا.
تم اكتشافه بمساعدة مطياف NEID المثبت على التلسكوب WIYN ذو القطر 3.5 متر في مرصد كيت بيك الوطني بالولايات المتحدة. كما أنه أول كوكب يتم رصده عبر تقنية قياس المواضع الفلكية التي يستخدمها مسبار Gaia التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
كيف تم اكتشاف Gaia-4b؟
يعتمد NEID على تقنية السرعة الشعاعية، التي ترصد التغيرات الطفيفة في حركة النجوم نتيجة سحب جاذبية الكواكب لها، مما يؤدي إلى انزياحات طفيفة في طيف النجم تُعرف بتأثير دوبلر.
هذه التقنية مكملة لطريقة قياس المواضع التي يعتمدها Gaia، حيث تراقب التلسكوبات الأرضية التغيرات الصغيرة في موقع النجم، وهو ما يسمح بالكشف عن وجود كوكب يدور حوله من خلال مقارنة موقعه مع النجوم القريبة أو الخلفية.
دور مسبار Gaia في البحث عن الكواكب الخارجية
يعتبر مسبار Gaia واحدا من أكثر الأدوات الفلكية دقة في رصد مواقع وحركات النجوم في مجرتنا. وبفضل حساسيته العالية، يمكنه اكتشاف آلاف الكواكب الخارجية التي تدور حول النجوم القريبة.
على عكس تقنية السرعة الشعاعية التي تعتمدها NEID، يعتمد Gaia على قياس المواضع لرصد حركة النجم تحت تأثير جاذبية كوكب يدور حوله، مما يتيح رؤية التغيرات الدقيقة في موضع النجم مقارنة بالنجوم الأخرى.
تنقية بيانات Gaia: تمييز الكواكب الحقيقية عن الأنظمة الثنائية
مع كل اكتشاف جديد، تظهر تحديات تحتاج إلى دراسات دقيقة للتأكد من أن الجرم المكتشف هو كوكب حقيقي وليس نجما مرافقا مخفيا.
في أحدث إصدار من بيانات Gaia، تم نشر قائمة بالأجرام التي يظهر أنها تتحرك كما لو أنها تحت تأثير كوكب غير مرئي، لكن كما أوضح غودموندور ستيفانسون، الأستاذ المساعد في جامعة أمستردام والمؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في The Astrophysical Journal، فإن هذه الحركة قد تكون نتيجة نظام نجمي ثنائي لم يتمكن Gaia من فصله إلى مكوناته الفردية.
كيف يتم التأكد من أن الجرم كوكب وليس نجما آخر؟
لمعالجة هذه المشكلة، تم إجراء عمليات رصد إضافية باستخدام عدة مطيافات متقدمة، بما في ذلك:
NEID على التلسكوب WIYN في مرصد كيت بيك
Habitable-zone Planet Finder (HPF) على تلسكوب هوبي إيبرلي (10 أمتار) في تكساس
FIES Spectrograph على التلسكوب الشمالي البصري في جزر الكناري
بعد متابعة 28 نجما يُشتبه في وجود كواكب تدور حولها، تبين أن 21 منها ليست كواكب فعلية، بل أنظمة نجمية ثنائية، في حين أن أحدها كان نجما يدور حوله قزم بني ضخم يُدعى Gaia-5b. أما Gaia-4b، فقد تم تأكيد أنه كوكب عملاق حقيقي.
Gaia-4b: عالم هائل يدور حول نجم صغير
يُعد Gaia-4b كوكبا ضخما تبلغ كتلته 12 مرة كتلة المشتري، ويدور حول نجم تبلغ كتلته 64% من كتلة الشمس خلال 570 يوما.
هذا الاكتشاف لا يؤكد فقط دقة قياسات مسبار Gaia، بل يثبت أيضًا أن NEID قادر على التحقق من الكواكب الخارجية التي يتم اكتشافها بهذه الطريقة، مما يفتح الباب لمزيد من الاكتشافات المستقبلية.
مستقبل البحث عن الكواكب الخارجية
بحسب جايديف راجاغوبال، عالم في NSF NOIRLab والمؤلف المشارك في الدراسة، فإن Gaia يحقق نجاحا غير مسبوق في رصد الكواكب الخارجية، في حين يثبت NEID قدرته على تأكيد هذه الاكتشافات بدقة عالية، ومع استمرار تحليل البيانات الحديثة، من المتوقع اكتشاف المزيد من الكواكب والأقزام البنية، مما يعزز معرفتنا بعوالم جديدة في المجرة.
أهمية الاكتشاف والتقنيات المستقبلية
يكشف اكتشاف Gaia-4b عن إمكانيات مذهلة لعلم الفلك الحديث، حيث يسلط الضوء على الدور المحوري لكل من Gaia وNEID في البحث عن العوالم الخارجية، ومع استمرار التعاون بين التلسكوبات الفضائية والأرضية، سيشهد المستقبل مزيدا من الاكتشافات التي قد تعيد تعريف فهمنا للكون.
المصدر: النهضة نيوز