ترامب يشترط على اللبنانيين تقديم الإنجازات قبل إعادة المساعدات

يبدو أن لبنان يحاول أن يفتح صفحة جديدة مع مجيء جوزيف عون إلى الرئاسة وتشكيل نواف سلام حكومة جديدة، لكنه في الحقيقة يواجه تحديات تشبه مرحلة انتخاب أول رئيس للجمهورية بعد اندلاع الحرب في العام 1975 وتشكيل أول حكومة جديدة في حين كانت الدولة منهارة.
إحدى الصعوبات هي أن دونالد ترامب رئيس للولايات المتحدة ومقاربات واشنطن للأوضاع في لبنان تختلف كثيراً عن ما تعوّدت عليه بيروت من واشنطن.
عهد بايدن
وضعت الإدارة السابقة برئاسة جو بايدن أهدافاً غير طموحة للبنان، واعتبرت منذ العام 2021 أن المطلوب ليس تغيير الأوضاع في لبنان بل المحافظة على الاستقرار، والعمل بجدّ لمساعدة اللبنانيين واللاجئين على الأراضي اللبنانية للعيش في ظروف مؤاتية مثل توفير الكهرباء والدواء لهم.
بدأت إدارة بايدن الانفتاح على أفكار جديدة خلال العام 2024 عندما أدركت أن الأوضاع لن تعود لن ما كانت عليه بين حزب الله وإسرائيل، وأن هناك حاجة لدعم الدولة اللبنانية، والجهة الأساسية المؤهّلة لتلقي هذا الدعم هو الجيش اللبناني وإلى جانبه مؤسسة الأمن الداخلي.
خطة عون
وضع رئيس الجمهورية الحالي جوزيف عون خطة واسعة لتلقي دعم الأميركيين وقدّمها خلال الزيارة الأخيرة له إلى الولايات المتحدة عندما كان لا يزال قائداً للجيش اللبناني، وقد أثارت هذا الخطة اهتمام الأميركيين، خصوصاً أن مستشار الأمن القومي جايك سوليفان جلس في البيت الأبيض مع قائد الجيش جوزيف عون لمناقشة هذه الخطة وما يريده للجيش اللبناني.
وقد تابع مسؤولون آخرون في وزارة الدفاع الأميركية والقيادة المركزية مناقشة هذه الخطة خلال زيارة عون، وبدأوا التحدّث عن تمويلها مع باقي الدول خصوصاً الأوروبيين ومجموعة الدول السبع.
قبل أن يذهب بايدن
سعى مؤيّدو عون والمدافعون عن علاقات الجيش اللبناني المتينة مع الأميركيين إلى ضمان وصول المساعدات المالية إلى المؤسسة العسكرية قبل أن يغادر بايدن الرئاسة، وعلمت “العربية” و”الحدث” أن الإدارة الأميركية خصصت 117 مليون دولار أميركي يذهب جزء منها لقوى الأمن الداخلي.
كانت إدارة بايدن تحتاج إلى إبلاغ وطلب موافقة زعماء الخارجية والدفاع في الكونغرس الأميركي، وقد تجاوب الديمقراطيون في مجلس النواب ومجلس الشيوخ على حدّ سواء، وكانت العقبة الوحيدة هي اعتراض الجمهوريين في مجلس النواب فيما وافق الجمهوريون في مجلس الشيوخ.
قررت إدارة بايدن مع ذلك تخطّي هذه العقبة وأقرّت المساعدات في 18 كانون الثاني/يناير الماضي أي قبل يومين من نهاية ولاية بايدن.
زمن ترامب
وصل ترامب إلى البيت الأبيض وأول ما فعله هو وقف المساعدات إلى كل دول العالم، باستثناء مصر وإسرائيل، وهنا يكمن جزء من الصعوبات التي بدأ اللبنانيون في مواجهتها مع الأميركيين.
متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية قال في تصريحات لـ”العربية” و”الحدث” إن وزير الخارجية ماركو روبيو أوقف “جميع المساعدات الخارجية الأميركية الممولة من قبل أو من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية بهدف مراجعتها”، وأشار إلى أن روبيو سيقوم بهذه المراجعة “لضمان كفاءتها وتوافقها مع السياسة الخارجية الأميركية بموجب أجندة أميركا أولاً”.
أكثر ما يجب أن يلفت الانتباه هو أن تصريحات المتحدث باسم الخارجية لـ”العربية” و”الحدث” أشارت إلى أن الرئيس ترامب قال بوضوح إن “الولايات المتحدة لن توزع الأموال بشكل أعمى دون عائد للشعب الأميركي”.
صعوبات اللبنانيين
هناك فارق كبير بين مقاربة إدارة جو بايدن السابقة لمساعدة اللبنانيين والمؤسسات اللبنانية، ومقاربة دونالد ترامب وإدارته الحالية. فالرئيس السابق كان مستعداً للاستماع إلى وعود المؤسسة العسكرية اللبنانية، وكان مستعداً لتخطي اعتراضات مؤيّدي إسرائيل الذين اتهموا الجيش اللبناني بالتغاضي عن حزب الله ونفوذه في صفوف المؤسسة العسكرية.
الرئيس الحالي وإدارته الجمهورية لن تفعل ذلك، وقال مصدر خاص لـ”العربية” و”الحدث”، وهو على اطلاع على تفكير الإدارة الحالية، إن ترامب والجمهوريين سيضعون صيغة عمل تقوم على انتظار ما يفعله اللبنانيون، ولو نجحوا نعطيهم المساعدات المالية والعسكرية، ولكن لا شيء سيصل إلى الجيش اللبناني أو باقي المؤسسات اللبنانية بناء على وعود.
مشكلة “نواف سلام”
هناك مشكلة إضافية يواجهها رئيس الحكومة الحالي نواف سلام، وهو أن الكثير من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، والمؤيّدين لإسرائيل ينظرون إليه على أنه شخصية “معادية”.
لا أحد يشكك في نزاهة نواف سلام وفي أنه يترأس حكومة واعدة، لكن أعضاء الكونغرس المؤيّدين لإسرائيل ينظرون إليه بكثير من الحذر منذ كان رئيس محكمة العدل الدولية ويعتبرون أن مواقفه معادية لإسرائيل.
المصدر: الحدث