وأكدة اللجنة الدولية للإنقاذ أن عدم خلق مبادرات سريعة وحلول مباشرة قد يفاقم الأمر خلال السنوات القادمة، مما قد يُخرج الأغلبية المُطلقة الأجيال الأفغانية القادمة من سلك التعليم، وعودة انتشار الأمية بكثافة في البلاد.

المؤسسة الدولية التي تُعتبر من الأنشط على مستوى العالم في حالات الاستجابة السريعة للكوارث والأزمات الإنسانية، والتي تعمل في 

 منذ عشرات السنوات، حذرت من التعاطي مع مسألة التعليم في أفغانستان باعتبارها مُجرد مسألة سياسية تتعلق بالتفاهم مع حركة طالبان التي تُسيطر على البلاد راهناً.

وأكدت أن استنزاف ملايين الطلبة سيحدث كنتيجة طبيعية لتبدلات شكل الحياة داخل أفغانستان خلال الشهور الماضية. فهؤلاء الطلبة سيكونون عُرضة لأعمال العنف وسيخضعون للاستغلال وسوء المعاملة من قبل مختلف الجهات، إلى جانب إمكانية إدراجهم في الفصائل المسلحة والقوى المقاتلة، بالإضافة إلى تسربهم بسبب انتشار عمالة الأطفال نتيجة الظرف الاقتصادي والانكماش التنموي المتوقف، ومع كُل ذلك ثمة تأثير كبير لعاملي الجفاف وانتشار وباء كورونا على هؤلاء الأطفال.

التقديرات الأولية التي تُحددها المنظمات الدولية، كشرط للتغلب على هذا الواقع المترقب، تقول إن المساعدات الفورية وتحسين شروط الحياة وتأمين مستويات معقولة من الأمان يجب توفيرها لـ 19 مليون مدني أفغاني، أغلبيتهم من النساء والأطفال، حتى يتم تحقيق نفس نسب ومستويات الالتحاق التي تمت في الأعوام الماضية.

الجدير بالذكر أن أفغانستان شهدت نهضة تعليمية استثنائية خلال السنوات الفائتة. فبينما كانت الأرقام تشير إلى أن أعداد الطالبة في أفغانستان خلال العام 2001 لا تتجاوز 5000 طالب للشهادة الثانوية في عموم البلاد وقتئذ، واغلبيتها في المناطق الخارجة عن سيطرة حركة طالبان، فأن المعطيات التي كانت تقدمها وزارة التعليم الأفغانية في الحكومة السابقة، كانت تقول إنه ثمة 10.7 مليون طالب أفغاني في المراحل الأساسية الثلاث، 47 بالمائة منهم طالبات.

وكانت المنظمات الدولية تحذر منذ شهور من تأثيرات الأحوال السياسية في أفغانستان على التعليم، إذ ذكرت تقارير متطابقة إن التعليم تدهور في البلاد حتى في مرحلة ما قبل سيطرة حركة طالبان على عموم البلاد، حيث أدى أكثر من 200 هجوم على المدارس العامة إلى مقتل وإصابة أكثر من 600 طالب ومعلم. وكانت 40 عملية من هذه الهجمات عبارة عن غارات جوية أو قصف صاروخي أو استخدام للمتفجرات خلال النصف الأول من هذا العام.

الباحثة والناشطة الأفغانية في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، روجهال خماداري شرحت في حديث لسكاي نيوز عربية الآثار المترتبة عن تحقيق مثل هذه التوقعات “هذه الأرقام ربما تكون فعلياً ما دون الواقع. فخلال السنة الأولى، ولأسباب تتعلق بحداثة حُكم طالبان، فإن الأمور ستكون على ما يرام، لأن الحركة سوف تحاول من جهة خلق أفضل ما تستطيعه للمجتمع، والطبقات الميسورة ما تزال تحتفظ ببعض خصائصها وإمكانياتها المادية. لكن سنوات أخرى من حُكم الحركة، وحسبما صدر عنها من سلوكيات، فإن النسبة قد تتجاوز 90 بالمائة خلال أقل من عقد من الآن، وذلك حسب دراساتنا”.

الأرقام التي أصدرتها هذه المؤسسة الدولية، تُضاف إلى أخرى بشأن الأطفال في أفغانستان. إذ تقول منظمة اليونيسيف أن مليون طفل أفغاني سيعانون عما قريب من سوء تغذية وخيم وحاد. فيما سيطر أكثر من ربع مليون طفل إلى ترك منازلهم، في وقت ستطال مشاهد التعنيف والشعور بعدم الأمان نصف أطفال أفغانستان، وسيكون الكُل مُضطراً لتغيير جوهري لأشكال وسلوكيات حياتهم.